والإسلام أخذ من هذا المعنى، فإنه: الاستسلام لله والانقياد له، والتخلص من شوائب الشرك، والبدع المضلة.

والجنة دار السلام، أي: دار السلامة من كل آفة ونقص وشر، فإطلاق السلام على الله تعالى اسماً من أسمائه، أولى من هذا كله، وهو أحق بهذا الاسم من كل مسمى به؛ لسلامته تعالى من كل عيب ونقص من كل وجه، فهو –تعالى- السلام الحق بكل اعتبار، سلام في ذاته عن كل عيب ونقص يتخيله وهم.

وسلام في صفاته من كل عيب ونقص، وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص وشر وظلم وفعل واقع على غير وجه الحكمة، فهو السلام الحق من كل وجه وبكل اعتبار، وهذا هو حقيقة التنزيه الذي نزه به نفسه، ونزهه به رسوله، فهو السلام من الصاحبة والولد، والسلام من النظير والكفء والسمي والمماثل، والسلام من الشريك.

ولهذا إذا نظرت إلى أفراد صفات كماله وجدت كل صفة سلاماً مما يضاد كمالها.

فحياته –تعالى- سلام من الموت والسنة والنوم، وقيوميته وقدرته سلام من الحاجة والتعب واللغوب، وعلمه سلام من عزوب شيء عنه أو عروض نسيان أو حاجة إلى تذكر أو تفكر، وإرادته –تعالى- سلام من خروجها عن الحكمة والمصلحة، وكلماته –تعالى- سلام من الكذب والخلف والظلم، بل تمت كلماته صدقاً وعدلاً، وغناه – تعالى – سلام من الحاجة إلى غيره في وجه من الوجوه، بل كل ما سواه فقير إليه محتاج، وملكه – تعالى – سلام من منازع فيه أو مشارك، أو معاون مظاهر، أو شافع عنده بدون إذنه، وإلهيته – تعالى – سلام من مشارك له فيها، بل هو الله الذي لا إله إلا هو، وحلمه، وعفوه، وصفحه، ومغفرته، وتجاوزه، سلام من أن تكون عن حاجة، أو ذل، أو مصانعة، كما يكون من غيره، بل هو محض جوده وإحسانه وكرمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015