مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} (?) أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برفع الصوت بهذه البراءة في ذلك اليوم، قال أبو هريرة: كنت مع علي بن أبي طالب حيث بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة ببراءة، فكنا ننادي: أن لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد فإن أجله - أو مده - إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر، فإن الله برئ من المشركين ورسوله، ولا يحج هذا البيت بعد العام مشرك، قال: فكنت أنادي حتى صحل صوتي)) (?) ، أي: بحّ صوته؛ لشدة رفعه.
((فارفع صوتك بالنداء)) أي: اجتهد في رفع صوتك، ولا تألو، وإلا فأصل الأذان لا يكون إلا برفع الصوت.
قال الحافظ: ((فيه إشعار بأن أذان من أراد الصلاة كان متقررا عندهم؛ لاقتصاره على الأمر بالرفع دون أصل التأذين.
واستدل به الرافعي على استحباب الأذان للمنفرد، وهو الراجح عند الشافعية)) (?) .
((فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن، ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة)) .
مدى الصوت: نهايته، وأقصى ما يبلغه، والمعنى: أن كل من سمع صوته من عاقل وغيره، من البهائم والجمادات - فإن لها سماعا يعلمه الله - تعالى - فإنها تشهد للمؤذن بالتوحيد عند الله يوم القيامة، وهذه فضيلة عظيمة