ومما يعين على معرفة صبره -تعالى- وحلمه، والفرق بينهما: تأمل قوله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (?) ،

وقوله -تعالى-: {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا {88} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا {89} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا {90} أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} (?) وقوله -تعالى-: {وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} (?) ، على قراءة فتح اللام.

فأخبر -تعالى- أن حلمه ومغفرته يمنعان زوال السماوات والأرض، فالحلم وإمساكهما أن تزولا هو الصبر، فبحلمه صبر عن معاجلة أعدائه.

وفي الآية إشعار بأن السماوات والأرض تهم وتستأذن بالزوال؛ لعظم ما يأتي به العباد، فيمسكهما بحلمه، ومغفرته، وذلك حبس عقوبته عنهم، وهو حقيقة صبره -تعالى-.

فالذي صدر عنه الإمساك، هو صفة الحلم، والإمساك هو الصبر، وهو حبس العقوبة، ففرق بين حبس العقوبة، وبين ما صدر عنه حبسها، فتأمله" (?) .

قال ابن المنير: "وجه مطابقة الحديث للآية (?) : اشتماله على صفتي الرزق، والقوة الدالة على القدرة، أما الرزق، فواضح من قوله: "ويرزقهم"، وأما القوة فمن قوله: "أصبر" فإن فيه إشارة إلى القدرة على الإحسان إليهم، مع إساءتهم، بخلاف طبع البشر، فإنه لا يقدر على الإحسان إلى المسيء إلا من جهة تكلفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015