وفي قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} ، ثم قوله: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} تنبيه على أن قولهم مخلوق، وقوله: {وَلاَ تَجهَر بِصَلاَتِكَ} يعني: بقراءتك، دل على أنها فعله، وقوله:: ((من لم يتغن بالقرآن)) فأضاف التغني إليه، دل على أن القراءة فعل القارئ)) (?) .
قوله: ((يتخافتون)) : يتسارون، بيان لقوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْرًا} (?) بأن المخافتة من الإسرار، وذلك من أعمالهم.
******
151- قال: ((حدثني عمرو بن زرارة، عن هشيم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى: {وَلاَ تَجهَر بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِت بِهاَ} قال: نزلت، ورسول الله مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به، فقال الله لنبيه – صلى الله عليه وسلم -: {وَلاَ تَجهَر بِصَلاَتِكَ} أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن {وَلاَ تُخَافِت بِهاَ} عن أصحابك فلا تسمعهم، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً} .
- حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: نزلت هذه الآية: {وَلاَ تَجهَر بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِت بِهاَ} في الدعاء.
فقوله: {وَلاَ تَجهَر بِصَلاَتِكَ} واضح في أن المقصود القراءة، وأن الجهر فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – وكذا الإخفات الذي نهي عنه، ومثلهما التوسط بينهما، كل ذلك فعله، فلذلك صح أن ينهى عنه، ولا يقول أحد بأن النهي عن القرآن، أو عن الصلاة.
وبينه بقوله: ((فكان إذا صلىبأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن، ومن جاء به)) فنهاه الله – تعالى – عن رفع الصوت به؛ لئلا يسبه المشركون، كما نهاه عن الإسرار به؛ لئلا يخفى على أصحابه، وأمره بأن يقرأه قراءة يسمع بها أصحابه الذين معه، ولا يسمعه المشركون الذين