قد يقول قائل: إن المؤلفات قد تبلغ المئات في فن واحد، بل في شرح كتاب واحد، فكم من تفسير ألفه المسلمون على كتاب الله -جل وعلا-؟ لماذا لم يكتفي بعضهم بمؤلف البعض الآخر؟ لماذا لم يكتفي المتأخر بمؤلف المتقدم؟ ومازال العلماء يفسرون كلام الله إلى يومنا هذا، بل وإلى ما شاء الله، ولم يكتفِ بعضهم ببعض، وقل مثل هذا في شروح الأحاديث، فإذا كان .. ، إذا كانت التفاسير التي تشرح كتاب الله -جل وعلا- لا يمكن أن يحاط بها، فإذا وجد من الحواشي على تفسير واحد أكثر من مائة حاشية، فكيف بجميع التفاسير؟
ما قال: إنه يُكتفى بتفسير الطبري عن تفسير البغوي، عن تفسير ابن كثير، عن كذا كذا، والحاجة مازالت داعية إلى التفسير، ومازال العلماء كل من جاء يرى أن هناك جانب من جوانب التفسير لم توفَّ حقَّها، فلذا تجدون لكل تفسير خصائص لا توجد في غيره، وأما التفاسير التي هي مجرد نقل من غير تحرير ولا تحقيق ولا تجديد، هذه حكمها حكم العدم.
وكذلك الشروح، لو قال قائل: إن البخاري مازال بحاجة إلى شرح، مع أنه شرح شروحاً كثيرة جداً، مطولات ومختصرات، حتى قال الشوكاني -رحمه الله- لما سئل -طلب منه أن يشرح البخاري- قال: "لا هجرة بعد الفتح".
وهل معنى هذا أن الحاجة سُدَّت بفتح الباري فقط؟
لا، فتح الباري لا يغني عن عمدة القاري، عمدة القاري لا تغني عن إرشاد الساري، وكلها لا تغني عن شرح ابن رجب، وهكذا.
أما بالنسبة لتوحيد الألوهية الذي صنف فيه الإمام المجدد هذا الكتاب فالحاجة داعية، بل ماسة، والناس أحوج إلى بيانه في كل وقت، في كل وقت، لكن في وقت الشيخ -رحمه الله تعالى- كانت الحاجة أشد.