والظروف التي نعيشها فيها شيء من الاضطراب، أحياناً الإنسان يحتاج إلى اللين، فإذا جربه إذا به لا يجدي، وأحياناً يحتاج إلى الشدة فإذا جربها لم تجدِ، التربية في غاية العسرة في هذه الأيام؛ لأن الأب لا يستقل بتربية أولاده، والذي يتولى تربيتهم أكثر منه غيره، يعني يخرج من البيت في السادسة أو السابعة إلى ما بعد صلاة الظهر هذا ربع الوقت راح، ليس للوالدين فيه نصيب، إنما إن يسر الله له معلماً ناصحاً مخلصاً أو الضد، فالتربية بيد غيره، إذا خرج من البيت يحتاج إلى أن يرتاح، يحتاج إلى أن يلعب ويلهو، ثم تتلقفه وسائل الإعلام، وتؤدي دورها، ونفوذها في قلوب الناس، أشد من نفوذ غيرها من الوالدين أو غيرهما، فعلى الإنسان أن يبذل السبب وأن يلح في الدعاء إلى الله -جل وعلا-.
بعض الكتَّاب المعاصرين بلغت به الوقاحة إلى أن قال: إن نوحاً -عليه السلام- فشل في دعوته؛ لأنه دعاهم تسعمائة وخمسين سنة ولا استطاع أن يؤثر فيهم، حتى أقرب الناس إليه، امرأته وولده أقرب الناس إليه، ما استطاع أن يؤثر فيهم فهو فاشل في هذا -نسأل الله العافية- ما يدري أن أجره موفور عند الله -جل وعلا-، قد أدى ما عليه، وأما كونهم يهتدون أو لا يهتدون هذا بيد الله، والله -جل وعلا- يقول لنبيه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [(56) سورة القصص]، حرص على هداية عمه، لكنه لم يستطع؛ القلوب بيد الله -جل وعلا-.