الدعوة في المقاهي، الدعوة في النوادي، الدعوة في السواحل، الدعوة في أماكن تجمعات الناس التي تزاول فيها المعاصي، يعني بعض الناس لهم وجهة نظر، يقول: هؤلاء ما نشوفهم في المساجد، فرصة أننا نغشاهم في أماكنهم وندعوهم إلى الله -جل وعلا-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغشى الناس في مجالسهم، حتى أن منهم من يذهب إلى البنوك ويدعو.
المقصود أن مثل هذه الأمور كل إنسان أعرف بنفسه، وظروفه، إن كان يتأثر مما يرى، أو لا يتأثر، إن كانت المصلحة راجحة والمفسدة مغمورة يعني ما هناك أدنى ضرر، ولا هناك أدنى نقص، المسألة قابلة للاجتهاد، والله المستعان.
ومن أهل التحري من يقول: أبداً العلم أصله في المسجد، من يطلبه يأتي، والباقي له ناس، الباقي له ناس يدعون إليه، والمعول على قوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [(108) سورة يوسف]، لا بد أن يكون السبيل موافق لسبيله -عليه الصلاة والسلام- وطريقته.
الأمر الثاني: أن يكون على بصيرة وعلم وبينة مما يدعو إليه، {أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} مما يدل على أنه لو اختلف سواءً كان بالسبيل والطريقة أو الدعوة على غير بصيرة فإنه لا يكون من أتباعه -عليه الصلاة والسلام-.
" {وَسُبْحَانَ اللهِ} ": تنزيه لله -جل وعلا-، " {وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ": تنزيه لله -جل وعلا- عما لا يليق به، {وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وإذا لم يكن من المشركين فهو من الموحدين، ويدعو إلى الله، يعني إلى توحيده، المنافي للشرك، الذي نفاه عن نفسه.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما بعث معاذاً إلى اليمن": النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث معاذاً إلى اليمن سنة عشر أو في آخر سنة تسع، أو في ربيع الأول سنة عشر -على الخلاف بين أهل العلم- بعثه معلماً، وقاضياً وموجهاً وبعث معه أبا موسى الأشعري، هذا على ناحية، وهذا على ناحية، هذا على صنعاء، وهذا على عدن، وهكذا.
وأبو موسى قدم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو في حجة الوداع، وأما معاذ فلم يقدم إلا بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-.