أحدث ما أحدث فيما يتعلق بالدعوة، وتباينت الأنظار والأهواء، والاجتهادات في سبل الدعوة، وهل يمكن أن تكون من سبيله -عليه الصلاة والسلام-، والمسائل في الوسائل لا شك أن اجتهادات أهل العلم تختلف فيها، فمنهم المتحري ومنهم المتوصل، فتجد بعض الدعاة يسلك مسالك مستحدثة، ويتوسع فيها توسعاً في نظر غيره غير مرضي، فيسلك مسالك الدعوة في أماكن تزاول فيها المعاصي، وبعض الدعاة -بعض أهل العلم- يتورع عن الدعوة في مثل هذه الأماكن، منهم من يتورع ويحتاط أشد الاحتياط يقول: ما في دعوة إلا في المساجد، منهم من يتوسع قليلاً فيقول: اجتماعات الناس محل الدعوة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغشى الناس في مجالسهم فيدعو في الأعراس، وفي غيرها، في أماكن اجتماع الناس، في مخيماتهم، يتوسع في هذا قليلاً، ومنهم من يتوسع بدون قيد، فيغشى أماكن يخشى عليه من أن يفتن بها، من أماكن تزاول فيها المعاصي وقد يكون هناك أشياء لا يمكن صبره عنها، حتى وصل الأمر إلى أن تزاول الدعوة عن طريق القنوات الماجنة، فيكون قبله امرأة عارية، وبعضهم موسيقى صاخبة بعده، وفي أثناء الكلام ما يدرى ما يحصل، ويقول –يعني على حسب اجتهاده-: أنه يدعو من خلال هذه القناة التي يراها شريحة كبيرة من الناس، وإذا تكلمنا في المساجد هؤلاء ما يحضرون الصلاة، وإذا تكلمنا في الخطب في الجمعة قالوا: هؤلاء ما يحضرون الصلاة، وإذا تكلمنا في القنوات المحافظة هؤلاء ما يشاهدون القنوات المحافظة، تلكمنا من خلال إذاعة القران، يقول: ما يستمعون لإذاعة القرآن، فنغشى هؤلاء ونغزوهم في قعر بيوتهم من خلال هذه القنوات، وليُعلم أن الدعوة مما يطلب بها ويرجى ما عند الله -جل وعلا-، كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "ما عند الله لا ينال بسخطه"، فمثل هذه الأمور حقيقة التوسع فيها غير مرضي، التوسع من غير قيد ولا شرط، وأيضاً الإحجام وعدم الإقدام إلى حد يصل إلى أن الإنسان لا يتكلم خشية أن يقع في أمر لا أصل له شرعاً، خشية أن يقع، وأدركنا من يتورع عن مكبر الصوت، من يتكلم يخطب في الجمعة والناس ما يسمعون، لماذا؟ لأن المكبر محدث، هؤلاء لهم اجتهادهم، ونعرفهم في علم وعمل لكن المسألة اجتهادية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015