المرتبة الثالثة: قوم أشبعوا أنفسهم بالتدليس، وهذه أليق بـ الأعمش وابن جريج، فأصحاب المرتبة الثالثة يدلسون كثيراً، وهم ثقات في أنفسهم، أقلهم صدوق وإن كان يهم فهو صدوق، وأصحاب هذه المرتبة لا تقبل عنعنتهم عند جماهير أهل العلم، بل لابد من التصريح بالسماع، وقال الجماهير: تقبل عنعنتهم في حالة واحدة هي: إن كانت الرواية في الصحيحين؛ لأن جميع أهل العلم قالوا: إن أصحاب الصحيح اشترطوا على أنفسهم شروطاً فلا يمكن أن يخلوا بها، بل قالوا: يمكن أنهم اطلعوا على طرق أخرى صرحوا فيها بالسماع.
أما الأمور الأخرى التي منها إن كان مكثراً أو غير مكثر ففيها نظر كما قلت، وهذه الذي قالها الذهبي عن الأعمش عن أبي وائل؛ لأنه قال: كان مكثراً وملازماً، فلو عنعن لا بد أن يكون قد سمع في مجلس من المجالس، وقلنا: إن هذا منتقد في راوٍ من الرواة كان مكثراً عن شيخه واتهمه أيضاً الذهبي بالتدليس في التذييل على المستدرك.