المرتبة الأولى: لها أقسام ثلاثة: منهم من اتهم بالتدليس وليس منهم، وذكره من صنف في التدليس لينبه على أن هذا اتهام باطل وأنه ليس من المدلسين، ومن أمثلة هذا القسم الإمام مالك، حيث اتهم مالك بالتدليس في بلاغاته، وذلك أن الحديث يكون عن ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس مثلاً، فيقول مالك: بلغنا عن ابن عباس كذا، فيسقط ثور بن يزيد، ويسقط عكرمة، ويأتي بـ ابن عباس، فقالوا: هذا مدلس.
ومن أمثلته أيضاً البخاري فقد اتهموه بالتدليس، وممن اتهم أيضاً ابن حزم، أما البخاري فاتهم لما قال في حديث: (يأتي زمان على أمتي يستحلون الحر والحرير)، قال: قال هشام بن عمار، و (قال) هذه من الصيغ الموهمة، فاتهموه بالتدليس على ذلك، وأيضاً لما كان بينه وبين شيخه محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري مشاحنة، حيث رأى الكثرة في مجلسه فقال: البخاري يقول بخلق القرآن، وهذا زور وبهتان، لكن البخاري ديانة وإنصافاً روى عنه حديثاً؛ لأنه يعلم أنه من الثقة بمكان، فكان يأخذ عنه الحديث لكن كان يعمي عليه حتى لا يقول الناس: عدلته بالرواية عنه فكلامه فيك صحيح، فكان يفعل ذلك.
وممن اتهم بالتدليس أيضاً: مسلم وهشام بن عروة، فهؤلاء جبال لا يمكن أن يقترب منهم أحد، فهؤلاء قسم اتهموا بالتدليس وهم منه براء.
القسم الثاني: قوم دلسوا لكن على ندرة وبقلة جداً، مثل أبي سعيد الأنصاري، ويزيد بن هارون الواسطي، حيث قال: ما دلست إلا في حديث واحد وما بورك لي فيه، فهؤلاء من الندرة بمكان، وهم أيضاً في المرتبة الأولى من المدلسين.
القسم الثالث: قوم خلط العلماء بين إرسالهم وتدليسهم، فأنزلوا الإرسال مكان التدليس؛ لأن الإرسال الخفي أقرب ما يكون إلى التدليس.
فالمرتبة الأولى عنعن أو لم يعنعن فحديثه صحيح، وأحاديثه كلها محمولة على الاتصال، وسواء اتهم أم لم يتهم، أو كان في تدليسه ندرة أو لم يكن.