بعض العلماء يرى أن مطلق السقط يسمى إرسالاً حتى لو كان من أثناء السند, والمعتمد هو التفريق بين المرسل والمنقطع، فالمنقطع هو ما كان السقط في أثناء السند، مثال ذلك: أن يروي البخاري عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم, فسقط راوٍ بين البخاري ومالك، فإن البخاري يروي عن محمد بن مسلمة عن مالك، ولم يدرك مالكاً.
ومحمد بن مسلمة كان سكيراً عربيداً, يشرب الخمر كثيراً, وفي يوم رأى كوكبة عظيمة من الشباب يطوفون حول شيخ ويبجلونه تبجيلاً عظيماً، وكان محمد بن مسلمة مخموراً، فنظر إليه نظرة إعجاب, فقال لمن حوله: من هذا؟ قالوا: هذا شعبة , قال: وما شعبة؟ فلم يعرفوا كيف يجيبونه, فذهب إليه فقال: من أنت؟ قال: شعبة , قال: وما شعبة؟ قال: محدث, قال: بم تحدث؟ قال: أحدث عن رسول الله, قال: حدثني, قال: نح نفسك عني, قال: والله لا أتركك حتى تحدثني, قال: لن أحدثك, فأشهر سيفه وقال: لتحدثني أو لأعلونك بالسيف, فقال: نعم, حدثني فلان عن فلان عن فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)، فسقط السيف من يده وبكى، وذهب فاغتسل, وتاب إلى الله توبة نصوحاً، وصار زاهداً عابداً، وكان من أحفظ الناس وأروى الناس للموطأ، والبخاري أخذ عنه الموطأ, فهو يروي أحاديث مالك بواسطة محمد بن مسلمة , والترمذي أيضاً يروي أحاديث مالك من طريق القعنبي , ولو رواها من طريق أحمد لكان بينه وبين مالك راويان؛ لأن أحمد ما أخذ عن مالك , وقال: قد كفانا الله بـ ابن عيينة أحاديث مالك.
مثال آخر للمنقطع: أن يروي القعنبي عن مالك عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم, فهذا منقطع؛ لوجود سقط أثناء السند، فـ مالك لا يروي عن ابن عمر مباشرة.