مسألة حكم ترك الصلاة وعلاقتها بمذهب المرجئة

هنا مسألة وهي: من لم يكفر تارك الصلاة، هل هذا أثر من المرجئة عليه؟

بعض من ينتصر بقوة لهذه المسألة يقول: إن من لم يكفر تارك الصلاة فقد دخل عليه الأثر من المرجئة.

والصحيح عدم ذلك، فقد كان الزهري من أشد الناس على المرجئة، إلى درجة أنه في أحاديث الوعد كقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة) وغيره من الأحاديث، كان الزهري يذهب فيها إلى تأويل لم يوافقه عليه الجمهور من الأئمة.

فقد كان يقول عن هذه الأحاديث التي علق النبي صلى الله عليه وسلم فيها دخول الجنة على كلمة الشهادتين: "إنما كان هذا في أول الإسلام، قبل نزول الفرائض والأمر والنهي"، وهذا التأويل بعيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث بهذه الأحاديث في المدينة النبوية.

ولكن الزهري أجاب بهذا الجواب من باب إغلاق الرد على المرجئة؛ لأنه كان من أفطن الناس في مسألة الإرجاء والرد على أصحابها.

لكن ننبه إلى أن هناك فرقاً بين من لم يكفر تارك الصلاة من الأئمة لكونه لم ير كفره بالأدلة، وبين من يقول إنه ليس بكافر؛ لأن الصلاة عمل، والعمل لا يدخل في مسمى الإيمان ..

ومن هنا يتبين أن هناك فرقاً بين ترك أبي حنيفة لتكفيره، وبين ترك مالك والشافعي لتكفيره، فترك مالك والشافعي اجتهاد، يقال عنه: إنه مرجوح، أما ترك أبي حنيفة لكفر تارك الصلاة فهو بدعة؛ لأنه بناه على أن الصلاة عمل، والعمل لا يدخل في مسمى الإيمان.

أي: من قال: إن ترك الصلاة ليس كفراً وكان معتبره أنها عمل والعمل لا يدخل في مسمى الإيمان فهذه بدعة المرجئة، وإن كان معتبره أن الأدلة لم تظهر بذلك فهذا قولٌ مما يسوغ فيه الاجتهاد، وإن كان مرجوحاً ومخالفاً لظواهر النصوص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015