فإذا كان كذلك فمن يقولون: إن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان.
يقال لهم: أنتم أدخلتم التصديق في مسمى الإيمان، وحقيقة هذه الأعمال أنها تصديقات، ولكنها تصديقات يلتحق بها ويقترن بها الحركة الظاهرة لإثبات هذا التصديق، ولهذا لا شك أن الفاعل للصلاة أشرف تصديقاً من المصدق بالصلاة بقلبه -حتى لو فرضنا جدلاً أنه لا يكفر-.
وبهذا يعلم أن الجواب عن قولهم: إن الأعمال الظاهرة هي حركات فكيف تسمى إيماناً ..
هو أن الحركات الظاهرة المجردة عن التصديقات لا وجود لها في الأعمال الشرعية.
فإذا قيل: الصلاة.
قيل: هي قبل أن تكون حركة ظاهرة هي تصديق، واستجابة، ونية في القلب
إلى غير ذلك.
وبهذا يتضح أن إدخال الأعمال في مسمى الإيمان لازم لجميع المرجئة؛ لأنهم أدخلوا التصديق، والأعمال مركبة من التصديق والحركة الظاهرة، وإذا انفكت إحدى الجهتين عن الأخرى امتنع وجود العمل الشرعي في الخارج.
وبهذه القاعدة يعلم أن الأعمال الظاهرة يلزم بضرورة العقل أن تكون داخلة في مسمى الإيمان، وأن قول السلف رحمهم الله: إن الأعمال الظاهرة تدخل في مسمى الإيمان هو ضرورة شرعية لدلالة النصوص عليه، وهو ضرورة عقلية أيضاً.
والعجيب قول بعض المرجئة -كالأشاعرة-: هذه حركة ظاهرة، والعرب لا تعرف أن تسمي الحركات الظاهرة العادية إيماناً!
فيقال: وهل أحد من علماء السنة يقول: إن مشي الإنسان إيمان، وأكله وشربه إيمان، وكل أعماله الظاهرة إيمان؟!! كلا، بل هم يقصدون الأعمال الشرعية، والأعمال الشرعية حقيقتها التصديقات قبل أن تكون حركة ظاهرة، ولهذا من لم يصدق بالصلاة كفر بالإجماع، بخلاف من تركها وهو مصدق بها، لأن التصديق أشرف من مقام الحركة الظاهرة.