ويقولون: "إنه يزيد وينقص" وهذا المعنى لابد منه، وهو أصل في ذكرِ مسمى الإيمان؛ فإن الغلط الكلي -كما سيأتي شرحه إن شاء الله- الذي خالف به أهل البدع مذهب السلف في اسم الإيمان ومسماه هو أنهم لا يلتزمون أن الإيمان يزيد وينقص، وهذا الغلطٌ مشترك بين الخوارج والمعتزلة ومن يقابلهم وهم المرجئة؛ فإن كل طائفة من هذه الطوائف جعلوا والتزموا أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وجعلوا مورد الزيادة والنقص فيما حوله من الشرائع التي لا تسمى إيماناً عندهم كالمرجئة، أو في موردٍ آخر على طريقة الخوارج والمعتزلة.
فهذه الجملة أصلٌ في مسألة الإيمان؛ لأن مبنى المخالفة للمخالفين إنما تفرع عن عدم تحقيقها، وإلا فإن في كتب الخوارج والمعتزلة أنهم أجمعوا على أن الإيمان قولٌ وعملٌ واعتقاد، ومنهم من يعبر بما يقارب من عبارة أهل السنة فيقول: قول باللسان، واعتقادٌ بالجنان، وعملٌ بالأركان، وإن كانت كتب الخوارج قليلة، لكنَّ الإباضيين منهم يقولون بهذا، لكن الفرق بينهم وبين السلف هو الزيادة والنقصان.