وقد درج بعض الباحثين من المعاصرين على تسمية الخلاف بين أهل السنة وبين أهل البدع خلاف مقارنة، وهذه اللفظة فيها بعض التردد؛ فإن مادة التقارن في اللغة توحي بشيء من التشاكل، والموازنة، والبحث عن الأرجح ..
إلى غير ذلك، وهذا غير حاصل بين أقوال أهل السنة وبين أقوال أهل البدع.
أما إذا استخدم الباحث في مسائل الفقه هذه اللفظة فقال: هذا فقهٌ مقارن أو هذه كتبٌ في الفقه المقارن، فهذا استعمال لا بأس به؛ لأن هذه المقارنة بين مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد وأمثالهم من الفقهاء والأئمة، وهذه المذاهب لا يجوز أن يجزم أن أحدها أرجح من الآخر على الإطلاق، لأن المسائل التي اختلفوا فيها قد اختلف فيها الأئمة قبل هؤلاء الأربعة.
وبهذا يتبين أن تسمية الخلاف بين أهل السنة والجماعة وأهل البدع خلافاً مقارناً فيه بعض التردد، وهي ليست طريقةً معروفةً عند السلف، فإنهم إذا ذكروا اختلاف الفقهاء ذكروه على طريقة من التقارب، وإذا ذكروا أقوال أهل البدع ذكروها على طريقة من الخروج عن الإجماع، والتنبيه إلى تركها، والتحذير من شأنها.