ظهور المرجئة

قابل الخوارجَ والمعتزلةَ المرجئةُ، فقد قالوا قولاً على الضد من قول الخوارج والمعتزلة.

وهم طوائف، فقد ذكر أبو الحسن الأشعري رحمه الله في المقالات أن المرجئة ثنتا عشرة طائفة، أشدهم إرجاءً الجهم بن صفوان وأبو الحسين الصالحي وأمثال هؤلاء من غلاة المرجئة، الذين يقولون: إن الإيمان هو العلم والمعرفة.

وأما أخفهم إرجاءً فهم من سموا بمرجئة الفقهاء، وهم قومٌ من علماء السنة والجماعة خرجوا في مسألة العمل عن المعروف عند سلفهم، فقالوا: إن الأعمال الظاهرة- أي: أعمال الجوارح- لا تدخل في اسم الإيمان، وإن كانت ركناً وأصلاً وواجباً في الدين؛ ولهذا لا يرون أن الصلاة داخلة في اسم الإيمان، وإن كانوا يعتبرونها ركناً من الإسلام وأصلاً في الدين، وهذا الاعتبار لا يعني أنهم يكفرون بتركها؛ فإن هذه مسألة أخرى لا يلتزم بها جميع من أخرج العمل من مسمى الإيمان.

والمقصود من هذا: أن أول من أحدث القول في الإيمان على خلاف طريقة السلف هم الخوارج، ثم شاعت البدعة، وأول من خرج من أهل السنة عن قول سلفهم هو حماد بن أبي سليمان تلميذ إبراهيم النخعي، وهو من كبار أعيان فقهاء الكوفة، ومن العلماء والعباد والنساك العارفين بالسنن والآثار ومقاصد الشرع، لكنه في هذه المسألة خالف سلفه، وخرج بقوله: إن الأعمال الظاهرة لا تدخل في اسم الإيمان، وتبعه على هذا قومٌ من فقهاء الكوفة، وأخص من تقلد هذا القول واشتهر به هو الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وإن كان هناك تردد بين بعض أهل العلم والمقالات في صحة القول عن أبي حنيفة، لكن الصحيح أنه قولٌ معروفٌ للإمام أبي حنيفة رحمه الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015