قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فظن الجاهلون بوجوه هذه الأحاديث أنها متناقضة لاختلاف العدد منها، وهي -بحمد الله ورحمته- بعيدة عن التناقض، وإنما وجوهها ما أعلمتك من نزول الفرائض بالإيمان متفرقاً، وكلما نزلت واحدة ألحق رسول الله صلى الله عليه وسلم عددها بالإيمان، ثم كلما جدد الله له منها أخرى زادها في العدد حتى جاوز ذلك السبعين كلمة، كذلك في الحديث المثبت عنه أنه قال: (الإيمان بضعة وسبعون جزءاً، أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)].
يقول رحمه الله تعالى: هذه الأحاديث التي فيها أن الإيمان أربع خصال وخمس وتسع ظن الجاهلون بوجوه هذه الأحاديث أنها متناقضة لاختلاف العدد، وهذا من جهلهم، ولكنها -بحمد الله- بعيدة عن التناقض، فالرسول عليه الصلاة والسلام كلامه يصدق بعضه بعضاً، يقول: [وإنما وجوهها -أي: تأويلها- ما أعلمتك من نزول الفرائض بالإيمان متفرقاً، فنزول الفرائض كان شيئاً بعد شيء، وكلما نزلت واحدة قبلها المسلمون وعملوا بها، ثم يلحق الرسول صلى الله عليه وسلم عددها بالإيمان، ثم كلما جدد الله له منها أخرى زادها في العدد حتى جاوز ذلك السبعين كلمة، وفي الحديث المثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون جزءاً)] وفي لفظ: (الإيمان بضع وستون) والحديث رواه الشيخان، فرواية البخاري: (الإيمان بضع وستون جزءاً) ورواية مسلم: (الإيمان بضع وسبعون جزءاً) وذكر أعلاها وأدناها فقال: (أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله -وفي لفظ: أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله- وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان).
وقد عد الإمام البيهقي رحمه الله هذه الشعب، وألف مؤلفاً وسماه شعب الإيمان، وتتبع هذه الشعب من النصوص حتى أوصلها إلى تسع وسبعين شعبة؛ فأوصلها إلى آخر البضع؛ لأن البضع من ثلاث إلى تسع.