قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والشاهد لما نقول والدليل عليه من كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم].
أي: الدليل لقولنا: إنه كلما نزل تشريع صار من الإيمان، ويجب على المسلم أن يؤمن به: هو النصوص من كتاب الله وسنة رسوله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فمن الكتاب قوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124]].
هذه الآية فيها دليل على أن الإيمان يزيد؛ لقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة:124] فالإيمان يزيد في القلب، فكلما عمل الإنسان بالطاعات وانتهى عن المحرمات زاد إيمانه، وكلما نزل تشريع وعلم به وقبله زاد إيمانه، والآية صريحة في هذا.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2]].
الشاهد من الآية قوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال:2] فدل على أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد إذا فعل الإنسان الطاعات، وينقص إذا فعل المعاصي، ويزيد إذا قبل الأحكام الشرعية وعمل بها.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [في مواضع من القرآن مثل هذا].
أي: وهناك أدلة أخرى تدل على هذا، مثل قوله تعالى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح:4]، وقوله: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر:31] إلى غير ذلك من الأدلة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أفلست ترى أن الله تبارك وتعالى لم ينزل عليهم الإيمان جملة كما لم ينزل القرآن جملة؟!].
يعني: أن الإيمان نزل شيئاً بعد شيء، كما كان القرآن ينزل منجماً على حسب الحوادث.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فهذه الحجة من الكتاب].
أي: هذه هي الأدلة من الكتاب، وستأتي الأدلة من السنة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فلو كان الإيمان مكملاً بذلك الإقرار ما كان للزيادة إذاً معنى، ولا لذكرها موضع].
أي: لو كان الإيمان مكملاً بالقلب -كما تقوله المرجئة- بمجرد الإقرار والتصديق ما كان للزيادة معنى، لأنهم يقولون: من قال: آمنت بالله ورسوله فإيمانه كامل كإيمان جبريل وميكائيل، وكإيمان أبي بكر وعمر، بل يكون إيمان أهل السماء وإيمان أهل الأرض واحداً، وإيمان السكير العربيد الذي يشرب الخمور ويقتل النفوس ويسرق الأموال مثل إيمان الصديق وعمر، ومثل إيمان جبريل وميكائيل، هكذا يقول المرجئة، فهذا مصدق وهذا مصدق، والأعمال ليس لها علاقة بالإيمان، فهي ليست من الإيمان، بل هي شيء آخر، فالأعمال بر وتقوى، أما الإيمان فواحد، فإيمان أفسق الناس وأتقى الناس سواء، وهذا باطل.
فالمؤلف رحمه الله يرد عليهم ويقول: [لو كان الإيمان مكملاً بذلك الإقرار بمجرد التصديق كما تقوله المرجئة ما كان للزيادة إذاً معنى].
فقوله تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر:31]، وقوله: {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال:2] لا معنى فيهما للزيادة.