معنى قوله: (كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد)

قوله: (ألا) حرف استفتاح، (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد) الحديث قال الخطابي: وإنكار النبي صلى الله عليه وسلم صنيعهم هذا مخرج على وجهين: أحدهما: أنهم يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً.

الثاني: أنهم يجوزون الصلاة في مدافن الأنبياء والتوجه إليها حالة الصلاة، نظراً منهم بذلك إلى عبادة الله، والمبالغة في تعظيم الأنبياء، والأول: هو الشرك الجلي، والثاني: الخفي؛ فلذلك استحقوا اللعن] وقد عرفنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص على سلامة عقيدة أمته من أن يدخلها شيء يكون حارفاً لها أو صارفاً لها عن أن تكون العبادة كلها لله جل وعلا، لأن هذه هي المهمة التي أرسل بها صلوات الله وسلامه عليه؛ ليُعبد الله وحده ويكون الدين كله لله، ولا يكون الدين موزعاً بين الله وبين خلقه، وإنما يخلص من الشوائب كلها، ويكون لله وحده، وليس فيه شيء للأنبياء، ولا للملائكة، ولا للجن، ولا لمخلوق من المخلوقات؛ لأن هذا حق خالص لله جل وعلا، الذي لا يقبل من العبد عملاً إلا إذا كان خالصاً له، فحرص صلوات الله وسلامه عليه على التنبيه على ذلك حتى في آخر لحظاته من الدنيا، وكان يكرر هذا ويبينه، ويلعن اليهود والنصارى؛ لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد؛ ليبين أن من فعل ذلك من أمته فهو ملعون مثلهم، أو أشد؛ لأن من خالف أفضل الرسل، وخير الأديان يكون عذابه أفظع وأعظم، وهذا مقرر في كتاب الله، وفي قصص الأنبياء، وكذلك في أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال في هذا الحديث: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذون القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015