النوع الخامس: وشركة المفاوضة، شركة المفاوضة هذه عامة تشمل المال والبدن والذمة وكل شيء، وهي: أن يفوض كل منهما صاحبه في كل شيء، كأن يضعان مالاً ويشتغلان ببدنهما، ويشتريان في ذمتهما، فإذا رأى أحدهما مثلاً بيعة مناسبة اشتراها بالمال الذي عنده، وإذا رأى أيضاً كسباً بالبدن كسبه ببدنه، وإن رأى شيئاً يُشترى في الذمة اشتراه في الذمة أيضاً، وهكذا: ويكون الربح بينهما على حسب ما اتفقا عليه.
قوله: (باب الشركة: وهي على أربعة أضرب: شركة العنان، وهي: أن يشتركا بماليهما وبدنيهما).
أي: أن يضع كل واحد ماله وبدنه ويشتغلان معاً ويتصرف كل منهما بالمال، أما تصرفه بماله فلأنه ملكه، وأما تصرفه بمال شريكه فلأنه فوضه ووكله.
(وشركة الوجوه، وهي: أن يشتركا فيما يشتريان بجاهيهما).
أي: أن كل واحد منهما يشتري في الذمة، ولا يوجد فيها مال ولا بدن، وما حصل من الربح كان بينهما على حسب الشرط.
قوله: (والمضاربة، وهي: أن يدفع أحدهما إلى الآخر مالاً يتجر فيه، ويشتركان في ربحه).
وهي مثل القراض فأحدهما منه المال والآخر منه العمل، ويكون الربح بينهما على حسب الشرط، فإن خسر فليس على العامل شيء، وإن بقي رأس المال فليس له شيء، وإن ربح كان الربح بينهما على حسب الشرط.
قوله: (وشركة الأبدان، وهي: أن يشتركا فيما يكسبان بأبدانهما من المباح إما بصناعة أو احتشاش أو اصطياد ونحوه).
وهذه ليس فيها إلا العمل بالبدن، وليس فيها مال، وإنما كل منهما يشتغل ببدنه، كأن يشتغل أحدهما في السيارات والآخر نجاراً، أو كأن يكون أحدهما مصلحاً للساعات والآخر بناءً أو دهاناً أو سباكاً، وما ربحاه جمعاه واقتسماه بينهما.
قوله: (وشركة الأبدان، وهي: أن يشتركا فيما يكسبان بأبدانهما من المباح إما بصناعة أو احتشاش أو اصطياد ونحوه؛ لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر فجاء سعد بأسيرين ولم آت أنا وعمار بشيء).
والمعنى: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن مسعود وفيه علة قال ابن حجر: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
وقد كان من قتل قتيلاً أو أتى بأسير فله سلبه، وهذا من باب التشجيع، وهو من غير الغنائم؛ لأنه في الغنائم يشارك الغانمين، وأما هذا فهو شيء خاص.