قال المؤلف رحمه الله: [وكذلك كل مدلس لا يُعلم تدليسه فله رده كجارية حمر وجهها أو سود شعرها أو جعده].
(كذلك كل بيع مدلس) من التدليس وهي الظلمة، فكل عيب مدلس؛ يعني: أخفى العيب، فإذا تبين العيب فإن المشتري بالخيار إما أن يرده وإما أن يمسكه ويأخذ الأرش، مثل: الجارية التي حمر وجهها وسود شعرها.
وهذا يدل على قوة المسلمين فكان المسلمون يقاتلون ويغنمون من الأعداء نساءهم وذراريهم ويصيرون عبيداً يباعون ويشترون ويتناسلون، ولا يوجد عبيد في زماننا؛ وهذا يدل على ضعف المسلمين في الجهاد؛ لأن الرق يدل على قوة المسلمين.
وبعض الناس يظن أن النساء اللاتي يخدمن في البيوت أنهن من الجواري، فيجامعوهن وهذه مصيبة، فالخادمة في البيوت ليست مثل الجارية، فالجارية هي الأمة التي تباع وتشترى وسببها الكفر، ولسيدها أن يتسراها وله أن يزوجها وله أن يبيعها، أما الخادمات فهن أحرار لا إماء، فالخادمة مستأجرة للخدمة، وقد يكون لها أولاد، أو ليس لها أولاد، ولا يجوز استخدامها إلا بمحرم.
وفي الزمان الماضي كان بعض الناس يدلس فيبيع جارية كبيرة في السن ويحمر وجهها حتى تكون كأنها شابة، فإذا اشتراها الإنسان ظن أنها شابة، ثم يتبين له فيما بعد أنها عجوز شمطاء، أو غير ذلك من طرق التدليس في بيع الإماء، فإذا تبين أن هذا عيب فإنه إما أن يردها وإما أن يأخذ الأرش.
وقوله: (وكذلك كل مدلس لا يعلم تدليسه فله رده كجارية حمر وجهها أو سود شعرها أو جعده) فهذا عيب من العيوب لرد المبيع.
قال: [أو رحى ضم الماء وأرسله عليها عند عرضها على المشتري].
أي: لما أراد أن يبيع الرحى جمع الماء وصبه عليها حتى تدور بقوة وبسرعة أمام المشتري فيظن المشتري أن هذا عملها، وأنها جيدة، فلما جف الماء الذي وضعه عليها صارت ضعيفة في دورانها فهذا عيب، فإذا تبين هذا فإما أن يردها وإما أن يأخذ الأرش.
وإذا كان هناك عيب أخفاه البائع ثم تبين بعد ذلك، فإن المشتري يرجعها ويأخذ الأرش.
ويجب على البائع أن يبين العيب، ويأثم إذا لم يبينه، وإذا تبين العيب للمشتري فهو بالخيار، فله أن يردها وله أن يبقيها.
وإذا أحب المشتري أن يبقيها على ما فيها من عيب إذا رضي بالعيب فلا بأس.
قال: [وكذلك لو وصف المبيع بصفة يزيد بها ثمنه فلم يجدها فيه كصناعة في العبد أو كتابة].
كما لو باع رجل عبداً وقال أنه نجار أو خراز أو بناء أو سباك أو دهان، فلما بيع على المشتري تبين أنه لا يعرف أن يصنع شيئاً مما سبق، فهذا عيب؛ لأنه وصفه بصفة يزيد بها على المشتري، وظن المشتري أنه سيعمل، فلما جاء وجده لا يعرف شيئاً أبداً.
فلو أنه ما دام أن معه حرفة أو صناعة كانت قيمته ثمانين ألفاً، فلما تبين أنه ليس عنده شيء، سألنا أهل الخبرة فقالوا: لا تساوي قيمته إلا خمسين ألفاً فقط، فيرد للمشتري ثلاثين ألفاً أو يفسخ البيع.
قال: [أو أن الدابة هملاجة والفهد صيود أو معلم].
وكذلك لو قال البائع أن الدابة هملاجة بمعنى: سريعة العدو والجري ثم تبين للمشتري أنها بطيئة فهذا يعتبر عيباً، فللمشتري الفسخ أو الأرش.
والفهد هو السبع المعروف، والفهد للصيد وكذا الكلب المعلم، فالفهد والكلب لا يباعان؛ لأن السباع ليس لها ثمن ولا تباع، إلا الصقر فإنه مستثنى مع أنه لا يؤكل.
قال: [أو أن الطائر مصوت ونحوه].
أي: إذا جاء أحد الناس وطرق الباب فإن الطائر يصوت ليعلم صاحب البيت أن أحداً من الناس قد دخل، فلو تبين للمشتري أن هذه الصفة ليست فيه فله أن يرده أو يأخذ الأرش.