قال المصنف رحمنا الله تعالى وإياه: [باب الصيد: عن أبي ثعلبة الخشني قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ وفي أرض صيد، أصيد بقوسي، وبكلبي الذي ليس بمعلم، وبكلبي المعلم، فما يصلح لي؟ قال: أما ما ذكرت -يعني: من آنية أهل الكتاب- فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، فإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل) ] .
مما أحله الله تعالى الصيد الحلال، قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة:4] ، والجوارح هي التي تعلم ويصاد بها، فمن الجوارح الكلاب المعلمة، ومن الجوارح الطيور المعلمة، وقد اشترط الله تعالى فيها التعليم: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ} [المائدة:4] فيعلم الكلب أو نحوه كيفية، الإرسال وكيفية الإمساك، وكذلك الطير الذي يصاد به كالباز والشاهين والباشق والصقر ونحوها من الطيور التي تعلم وترسل فتصيد، فأباح الله تعالى هذا الاصطياد، وأباح أكل هذا الصيد.
والأمر في قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:2] أمر إباحة، ومنع من الصيد في حالة الإحرام فقال: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:95] ، وقال: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} [المائدة:96] ، فدل على أنه إذا لم يكن هناك إحرام فإن الصيد حلال، وكذلك يحرم الاصطياد داخل الحرم؛ لأن مكة وما حولها حرم لا ينفر صيدها، يعني: لا يصطاد ولا يطرد، أما بقية البلاد غير الحرمين فإنه يجوز أن يصيد فيه غير المحرم.