حديث سعد ذكر فيه أن أمه ماتت وعليها نذر صيام شهر، فأمره أن يصوم عنها، وثبت أيضاً في حديث آخر أن امرأة قالت: (يا رسول الله! إن أمي ركبت البحر فنذرت إن نجاها الله أن تصوم شهراً، ثم إنها ماتت ولم تصم.
فقال صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؛ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء) ، فأمرها بأن تصوم عنها وتقضي عنها، فمن مات وعليه صيام نذر فإنه يصام عنه، وقد تقدم في كتاب الصيام قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ، وحمله بعض العلماء على صيام النذر؛ لأنه الذي ورد في حديث تلك المرأة الخثعمية، وقال بعضهم: إنه عام في صيام الفرض وفي صيام النذر، فصيام النذر دليله حديث سعد بن عبادة هذا، ماتت أمه وهو حي، وذكر أن عليها صيام نذر، وأنها لم تقضه، وكذلك حديث الخثعمية ماتت أمها وعليها صيام شهر نذرته، فأمرها أن تقضيه، فأفاد بأن صيام النذر يقضى عن الميت، وشبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين الذي في ذمة الميت يقضيه ورثته، ولو لم يخلف مالاً يتبرعون بقضاء دين والدهم أو والدتهم، وكذلك الصيام، إن تبرع أحد أن يصومه فإنه يجزيه، ولكن إذا تعذر ذلك أو لم يكن هناك ورثة يستعدون للصيام عن ميتهم فلابد من الإطعام عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من البر أو نحوه، ويجوز أن يقضيه أكثر من واحد، فيجوز إذا كان له -مثلاً- أربعة أولاد وعليه صيام عشرين يوماً أن يصوم كل منهم خمسة أيام، ويجزئ ذلك عنه، ويجزئ أيضاً أن يصوم الأبعد مع وجود الأقرب، مثلاً: تصوم عنه أخته مع وجود بنته أو ابنه، وتصوم عنه خالته مع وجود أمه مثلاً، فيصوم عنه البعيد ولو كان هناك من هو أقرب منه، ما دام أنه تبرع بالصيام عن متوفى، فهذا في الصوم عمن مات وعليه صيام نذر، وأما إذا كان النذر غير صيام كنذر الصلاة فلم يأت دليل على أنه يصلي عنه، لكن إن نذر اعتكافاً أو حجاً أو طوافاً فقال: لله علي أن أحج حجتين.
أو: أن أعتمر عمرة أو عمرتين ولم يقدر أن يفعل ذلك حتى مات فإن ورثته يقضون عنه أو يوكلون من يحج أو يعتمر أو يطوف عنه ولو بأجرة، وكذلك الاعتكاف يعتكف عنه أحد ورثته، وكذلك الصدقة يتصدقون عنه من ماله، فإذا نذر أن يتصدق بمائة فلم يفعل فإنها تكون ديناً في ذمته تقضى من تركته، فإن لم يكن له تركة قضاها أحد ورثته أو أحد أقاربه، وكذا لو تبرع عنه أجنبي.