في هذين الحديثين أنه يجوز الحنث والكفارة إذا كان في ذلك خير، فالحديث الأول يقول صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الرحمن! لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها) ، والمراد بها الولاية على مجموعة والرئاسة عليهم، فالأمير هو الذي يكون والياً على أهل بلد أو والياً وأميراً ورئيساً على قسم أو على جهة أو على أسرة أو قبيلة أو نحو ذلك يرجعون إليه ويطيعونه، ويأمرهم بما يراه صالحاً لهم ونحو ذلك، والإمارة يُختار لها الأكفاء الذين فيهم الأهلية، ويبتعد عن اختيار من ليس كفؤاً لها، والإنسان لا يحرص عليها، وذلك لما فيها من المسئولية، ولما فيها من التعب والعمل الذي يناط بذلك الأمير، ولأن الناس يتعلقون به ويطلبون منه أن يفعل كذا وكذا، فيكون ذلك قدحاً في عدالته إذا اتهم وألصقت به التهم، أو عمل وليس من أهل العمل أو نحو ذلك، فلأجل هذا ينهى عن أن يسألها.
أما إذا عين الإنسان أميراً أو رئيساً أو مديراً أو نائباً وهو لم يسأل هذه الولاية وإنما اُختير لها واتُفق على اختياره لكونه كفؤاً فإنه يُعان عليها، يعينه الله ويسدده.