الحدود جعلها الله تعالى تطهيراً للعباد، وإقامتها فيه مصلحة كبيرة، وهذه المصلحة هي أمن الناس على محارمهم، وأمنهم على دمائهم وعلى أموالهم وعلى أعراضهم وعلى أديانهم.
والعقوبة في الزنا هي: إن كان محصناً يرجم حتى يموت، وإن كان غير محصن يجلد مائة جلدة، ويغرب سنة عن بلده، والحكمة في ذلك: أولاً: الزجر عن هذا الذنب الكبير، والتحذير من سوء مغبته، فإنه من أكبر الذنوب.
ثانياً: الحرص على حفظ أعراض الناس وحفظ أنسابهم؛ لأنه إذا فشا الزنا اختلطت الأنساب، وفسدت الأعراض، وذهبت الغيرة والحماسة، والإنسان مأمور بأن يكون غيوراً على محارمه؛ لأنه إذا لم يكن كذلك وكان يقر الخنا في أهله لقب بالديوث، وفي الحديث: (لا يدخل الجنة ديوث) ، وهو الذي يقر الخنا في أهله.
وإذا كان هناك من يقيم الحدود ومن يأخذ الحقوق أمن الناس، وأمنت البلاد واطمأنت، وأمن الناس على محارمهم، وصار المذنب أو العاصي يخاف على نفسه من مثل هذه العقوبة، ويفكر ويقول: ما فائدة من هذا الذنب الذي أقترفه؟ أصبر على نفسي وأصبر على قمع شهوتي ولا أتعرض للعذاب، ولا أتعرض للأذى، ولا أعرض نفسي لأن أقتل قتلاً شنيعاً، ونحو ذلك.
قالوا: الحكمة في شرعية الرجم أنه لما عدل عن الحلال، وتلذذ جسمه كله بهذا الحرام الذي هو فعل هذه الفاحشة ناسب أن يُرجم، وأن يُؤلم جسده كله.
وأما كيفية الرجم فقيل: إنه يحفر له حفرة قدر ذراع أو نحوه، ثم يوقف فيها، وتربط يده من خلفه، ثم يأخذون حجارة ملء الكف، ثم يقذفونه بها، ويرمونه مع رأسه ومع بطنه ومع ظهره ومع عضديه ومع فخذيه، إلى أن تذلقه الحجارة وينصرع ويموت.