ذكروا أن من قتل نفسه فإن من عقوبته ألَّا يصلي عليه الإمام الأعظم أو الإمام العام، وما ذاك إلا للزجر عن هذا الذنب الذي اقترفه.
كذلك أيضاً: إذا تُحُقِّق إمام المسجد أن القاتل قتل نفسه فليس له أن يصلي عليه، وأما الذين لم يعرفوا فلهم أن يصلوا عليه.
أما أقاربه ومن له صلة فيصلون عليه، ويدعون له ويترحمون عليه، رجاء أن يخفف عنه هذا الذنب، ولو كان ذنباً كبيراً؛ لأن كثيراً من العلماء لم يخرجوه به من الإسلام، ولم يحكموا بكفره، وتأولوا الأحاديث التي فيها الوعيد الشديد عليه بأنها من باب الزجر والنهي عن مثل هذه الكبائر، ومن باب محافظة الإنسان على حرمة نفسه، وعلى حرمة المسلمين.
ولا شك أن المسلم له حرمة، رُوي أن ابن عمر طاف مرة بالكعبة وقال: (ما أعظمك وأعظم حرمتك! وإن حرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمتك) فالمؤمن له حرمة، ومن حرمته ألا يُتَعدَّى عليه، فإذا كان الله تعالى توعد من قتل نفسَاً بغير حق بأشد الوعيد، فكذلك الوعيد أيضَاً ينصب على من تسبب في قتل نفسه والعياذ بالله.
فننتبه لمثل هذا، ونحذِّر هؤلاء الذين يتساهلون في الانتحار، وما أكثرهم! ولكنهم قليلون -والحمد لله- في البلاد الإسلامية، وإنما يكثرون في البلاد التي يكون الإسلام فيها ضعيفاً أو أنهم يقلدون الدول الكافرة الذين يقتل أحدهم نفسه بأدنى سبب يخالف ما يهواه.
فالأخبار تنقل أن في دولة كذا وكذا: انتحر في هذا الشهر عدد كذا وكذا، قتلوا أنفسهم سواء كانوا رجالاً أو نساء ونحو ذلك، وإذا عرّفنا للناس خطأهم، وبعدهم عن العقل وعن الدين، انتبه الناس لمثل ذلك، فلا يفعل مثل ذلك إلا من هو مسلوب العقل والمعرفة والعياذ بالله.