تتعلق هذه الأحاديث بالديات وبالجنايات، ففيها دية الجنين إذا جني على أمه فسقط ميتاً ولم يتحرك بعد موته، أما إذا سقط حياً وتحرك حركة حي ثم مات، وكان سبب موته هو الجناية فإن فيه الدية كاملة، أي: ديته إن كان ذكراً دية رجل، وإن كان أنثى دية امرأة، وأما إذا مات في بطنها أو سقط قبل تمام مدته ومات أو سقط ميتاً فإن فيه غرة عبد أو أمة.
والغرة هي بياض الوجه كما في قول أبي هريرة (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) ، وقوله عليه الصلاة والسلام: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين) فالغرة: بياض الوجه، لكن هنا أطلق الغرة على العبد المملوك أو الأمة المملوكة، فكأنه قال: دية الجنين إذا سقط بجناية فيه عبد أو أمة، وفي هذه الأزمنة: يقلّ وجود عبد أو أمة، ولو قدر وجودهما في بعض البلاد فإن ثمنهما رفيع، بل كان ثمن العبد قبل إلغاء الرق في هذه البلاد أرفع من دية الحر، ولكن العلماء في الزمن الأول قدروا الغرة، واستمروا على تقديره، فقالوا: الغرة التي هي عبد أو أمة قيمتها خمس من الإبل، ولا تزال هذه قيمتها، فالآن إذا سقط الجنين بسبب جناية بأن ضرب رجل بطن امرأة فأسقطت، أو حصل حادث بسببه كحادث اصطدام أو انقلاب فأسقطت المرأة، وحكم عليه بالدية، فإنه يحكم عليه بخمس من الإبل، وسواء كان السقط قد تخلق أو لم يتخلق، ما دام أنه حمل، وسواء طالت مدة الحمل أم لا، فإذا مات في بطنها سواء كان في الشهر التاسع أو الرابع أو الثاني وسقط ميتاً فديته خمس من الإبل، والإبل في هذه الأزمنة تقدر الواحدة بألف، فتكون دية الجنين خمسة آلاف ريال.