يحرم في مكة قطع الشجر، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يعضد شجرها، والمراد الشجر الذي أنبته الله، أما الذي ينبته ويغرسه الآدمي فإن له أن يقطع منه ما يريده، فإذا قدر أنه قطع منه شجرة محرمة فإن عليه فدية، إن كانت كبيرة ففيها بدنة، وإن كانت صغيرة ففيها شاة، وإن كان قطع منها أغصاناً فعليه بقدر ما نقص منها.
وكذلك لا يختلى خلاها، والخلا هو العشب الذي ينبت منبسطاً على الأرض، وترعاه الدواب، يجوز أن تترك الدواب ترعى فيه سواء من الإبل أو البقر أو الغنم، وأما أن يختلى بمعنى: يُحش؛ فلا يجوز، ومن حشه فإن عليه فديته بقدر ما أخذ منه أو بقيمته يتصدق بها على مساكين الحرم.
كذلك لا ينفّر صيدها لعموم قوله: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} [آل عمران:97] ، ولعموم قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ} [المائدة:95] أي: قتل الصيد، وهو كل ما يقتنص ويصاد، فلا يجوز أن ينفر، ولا يجوز أن يُصاد.
ويدخل في الصيد الطيور، ويدخل فيه الدواب المتوحشة التي تقتنص وتصاد، فإذا صاد فإن عليه جزاء.
وقد بين العلماء مقدار جزاء الصيد في الكتب الفقهية والحديثية ونحوها، وإذا كان لا يجوز أن ينفر الصيد حتى يطير ولو عصفوراً أو حمامة أو نحو ذلك؛ فبالطريق الأولى لا يجوز أن يُذبح، ويستثنى من ذلك الذي يملك ولا يقال له: الصيد، كالدجاج أو البط من الطيور، وكذلك بهيمة الأنعام من الإبل والبقر ونحوها.
واستثنى من ذلك الإذخر، وهو هذا النبات الذي يكون له أعواد دقيقة، وله رائحة طيبة، كانوا يقطعونه فيوقدون به، ويوقد به الحدادون، ويستعملونه عند سقف البيوت يسدون به الخلل، ويجعلونه بين اللبنات في القبور، فهم بحاجة إليه، فطلب العباس أن يرخص لهم في قطع وحش الإذخر، فرخص لهم في ذلك، وقال: (إلا الإذخر) .