الحكمة من غرز الجريدة في القبرين واختصاص النبي بذلك

أما كونه صلى الله عليه وسلم غرز الجريدة في قبريهما وقال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا) ، فقال بعض العلماء: إن ذلك لكون هذه الجريدة رطبة، والرطوبة فيها شيء من الخضرة، والخضرة قد تخفف الألم، وقد يخضر بسببها القبر، ويكون ذلك سبباً لتخفيف العذاب، وقيل: لأن الجريدة حال خضرتها تسبح، فتسبيحها قد يصل تأثيره إلى ذلك المدفون فيخفف عنه، هكذا قال بعضهم، ولكن هل يجوز لنا أن نفعل هذا الفعل فنجعل في القبور جريداً؟ لا يجوز ذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يفعله مع سائر المقبورين، مع أنه قد دفن بعض الناس، وقد استغفر لبعضهم، وقد صلى عليهم، ولو كان ذلك مشروعاً لفعله مع كل أحد، وكأنه خص هذين الاثنين بوحي من الله أنه إذا غرز هذه الجريدة خفف عنهما، ولهذا قال: (لعله يخفف عنهما) ، وهذا الفعل لم يفعله الصحابة، ولو كان مشروعاً لوضعوا في كل قبر جريدة خضراء، فلما لم يفعلوا ذلك عرف بذلك اختصاص النبي بهذا الفعل، وكذلك اختصاص هذين القبرين.

والعبادات مبناها على التوقيف، فلما لم يقل النبي عليه السلام: افعلوا ذلك مع كل ميت؛ دل على أن هذا من خصوصياته أو من خصوصيات هذين القبرين.

فعلى الإنسان أن يبتعد عن أسباب عذاب القبر؛ وذلك لأن القبر أول منازل الآخرة، وإذا خرجت روح الإنسان فقد قامت قيامته، فإما أن يلقى عذاباً وإما أن يلقى نعيماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015