مشهور الآن أن بعض الناس يخدع فتاة، ثم يواقعها مرة أو مراراً، فإذا حملت وتبين أنها حامل وخشي فضيحتها ذهب وخطبها ووافقت عليه، وبعد ذلك يعقد عليها وهي حامل من الزنا، ويدخل بها ويقول: أريد أن أسترها، فإذا وضعت حملها فلا حاجة لي فيها فسوف أطلقها، فنقول: هذا لا يجوز؛ وذلك لأن لا يجمع بين ماء حلال وماء حرام، ولو كان الماءان له، فلا يجوز له ولا يجوز لها هذا النكاح، بل متى حملت منه أو من غيره من زنا فإنه لا يقربها أحد حتى تضع حملها.
والمرأة المزوجة لو غاب زوجها مثلاً فوطئت بشبهة أو زنت وحملت من الزنا أو من وطء الشبهة حرمت على زوجها، ولم يجز له أن يجامعها حتى تضع ذلك الحمل، وإذا لم تحمل فعليه أن يتجنبها حتى يعلم براءة رحمها، وأنها لم تعلق من ذلك الزنا أو ذلك الوطء بشبهة، فلا يجامعها حتى تحيض حيضة يعلم به براءة رحمها من الحمل.
فإذا زنى إنسان بامرأة فلا يجوز له أن ينكحها ولو كان قصده أن يسترها، بل لا حرمة لها ولا حرمة له، وإذا ثبت زناها واعترفت أقيم عليها الحد الذي هو العقوبة الشرعية، فإن كانت ثيباً أقيم عليها الرجم إلا إذا ادعت أنها مكرهة، وإن كانت بكراً أقيم عليها الجلد والتغريب، وهو الحد الشرعي الذي ثبت بالسنة، وأما هو فإذا اعترف بأن هذا الحمل منه، وأنه وطئها؛ فإن كان اغتصبها فلا عقوبة عليها لكونها مغصوبة مكرهة، وإن كان باختيارها فإن العقوبة عليهما معاً، وعقوبته هو كعقوبتها: إن كان قد تزوج زواجاً صحيحاً، ودخل بزوجته -وهو المحصن- فحده أن يرجم بالحجارة حتى يموت، وإن كان بكراً لم يسبق أن تزوج، فحده أن يجلد ويغرب كما يأتينا إن شاء الله في الحدود.
فأما أن يقول: سوف أتزوجها حتى أسترها أو حتى لا تفتضح؛ فلا يجوز، بل تترك حتى تفتضح وحتى يفتضح هو أيضاً، وإقامة الحدود والعقوبات الشرعية سبب لقلة المنكرات، وسبب لقلة الفواحش، وترك ذلك سبب لفشوها، فإذا رخص لهم في هذا كثر الزنا، وكثر الفحش، وصار كل من زنى وواقع امرأة حرص على أن يتزوجها ثم يطلقها، وطلاقه لها قد يكون الحامل له عدم ثقته بها، يقول: إذا زنت وهي غير متزوجة فيمكن أن تزني وهي متزوجة، فلا آمنها فراشاً لي.
وبكل حال فهذه القصة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) تبين أن المرأة إذا ولدت مولوداً نسب إلى زوجها الذي هو زوجها وتحل له، ولا ينسب إلى الزاني، ولا حق للزاني فيه ولا كرامة.