في الحديث الأول يقول: (من السنة إذا تزوج البكر) يعني: وعنده زوجة قبلها (أقام عندها سبعاً ثم قسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم) .
ومعنى هذا الحديث أن البكر إذا تزوجها وعنده امرأة قبلها فإنها بلا شك تهواها نفسه وتميل إليها، ويكون لها مكانةً في قلبه، فيكون لها حق في أن يوالي المبيت عندها ليالي متتابعة، فصار لها حق أن يبيت عندها سبع ليال قبل أن يبدأ في القسم بين زوجاته أو بينها وبين زوجته الأخرى.
فهذا المصلحة فيه للطرفين، فهي بالنسبة إلى أنها حديثة عهد بالزواج لم تعرف زوجاً قبله فهي تحب أن يؤنسها وأن يؤلفها، وأن يحبب إليها نفسه، وأن يعاشرها العشرة الطيبة، وأن يطيل محادثتها ومؤانستها، ويبين لها مودته لها، ويكتسب أيضاً مودتها في هذه الليالي، فإذا تمت سبع ليال فتكون في ذلك قد استأنست إليه، وكذلك أيضاً هو يعرف أن نفسه مائلة إليها لبكارتها ولجدتها، فيكون في قلبه شيء من المحبة والميل إليها، ويكون هو الذي يواصل ذلك ويحبه ويوده، فالمصلحة في متابعة هذه الليالي للبكر للطرفين.
أما إذا كانت ثيباً -أي: مطلقة أو متوفى عنها- قد دخل بها غيره فتزوجها وعنده امرأة أو نساء غيرها قبلها فإن لها حقاً أن يبيت عندها ثلاث ليال متتابعة ثم يبدأ في القسم، هذه الليالي الثلاث هي أقل العدد، فإن أقل الجمع ثلاثةٌ كما هو معروف، فهذه الثلاث تحصل بها المؤانسة له ولها، ويحصل بها إشباع الغريزة من الشيء المستجد، فلهذا جاء الشرع به.
وقوله: (من السنة) يعني: من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ومن شريعته.