ويدخل في ذلك أيضاً المنّ بها وتذكيره إياها، فإن في ذلك شيئاً من التحقير لصاحبها وتكبير النعمة عليه، بحيث إنه يتمنى أنه ما قبل منك هذه الهدية أو هذه الصدقة؛ ولأجل ذلك نهى الله تعالى عن المن بها، وأخبر بأنه يبطل ثوابها، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى} [البقرة:262] ، فالمنّ يدخل فيه أن يذكره، فكلما لقيك أخذ يذكرك: أتتذكر أني أهديتك ثوباً؟ أما تتذكر أني أهديتك لحماً؟ أما تتذكر أني أهديتك قدحاً أو إناءً؟ أما تتذكر أني أهديتك مالاً، أو فراشاً أو ما أشبه ذلك، فلا يزال يذكرك.
وربما أيضاً يمنّ عليك فيقول: أنا الذي أركبتك وأنت منقطع أنا الذي أطعمتك وأنت جائع أنا الذي كسوتك وأنت عار أنا الذي أنقذتك وأنت هالك! فلا يزال يمنّ عليك إلى أن تتمنى أنك ما قبلت منه تلك الصدقة ونحوها، ولا شك أن هذا مما يحبط الأجر ويبطل الصدقة؛ فلأجل ذلك نهى الله تعالى عن المنّ وعن الأذى.