قال المصنف رحمه الله: [وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: (رقيت يوماً على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي معي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء) ، والعنزة: الحربة الصغيرة.
والإداوة: إناء صغير من جلد.
وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء) ] .
هذه الأحاديث تتعلق بقضاء الحاجة، وقد عرفنا أن الشرع الشريف تطرق إلى كل شيء تمس إليه الحاجة، ولا شك أن مما تمس إليه الحاجة أمور الطهارة، ولا شك أن الأقذار من البول ونحوه نجسة العين، فالشرع جاء بتعليم الإنسان كيف يتوقاها، وكيف يتطهر منها، وعلمه أيضاً كيف يجلس وكيف يتنزه وما أشبه ذلك، مما يدل على كمال هذه الشريعة وتضمنها لكل ما تمس إليه الحاجة، وقد ذكرنا أن اليهود قالوا لـ سلمان: (علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة.
قال: نعم، لقد نهانا أن نستقبل القبلة ببول أو غائط، وأن نستنجي باليمين، وأن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار) .
وتقدم لنا في حديث أبي أيوب قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا، قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل) ، وأخذنا من هذا الحديث أنه لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها حالة التبول ونحوه، سواء في داخل البيوت أو خارجها، حيث إن أبا أيوب فهم الأمر على الإطلاق، فصار هو والصحابة إذا دخلوا تلك المراحيض وتلك المقاعد المبنية نحو الكعبة ينحرفون عنها ويخالفون ما بنيت عليه.