ذكر في هذا الحديث: (أن من وجد ماله بعينه فهو أحق به) ، صورة ذلك: إذا حجر الحاكم على المفلس في أمواله، ووجدت سلعتك بعينها التي بعته، فأنت أحق بها، هذا مقتضى الحديث.
واشترطوا لذلك شروطاً: الشرط الأول: ألا تكون قد قبضت من ثمنها شيئاً، فإذا وجدت كيسك الذي بعته بمائة بعينه؛ لم يبعه ولم يأكل منه ولم يرهنه؛ وجدته بعينه، وأنت لم تستلم من المائة شيئاً؛ فأنت أحق به، ولو قال أهل الديون الأخرى: نبيعه ونأخذ من ثمنه بالنسبة وأنت معنا، ف
صلى الله عليه وسلم أنت أحق به؛ لأنه عين مالك.
الشرط الثاني: ألا يكون قد تغير، فإذا تغير بأن فصل الثوب، أو خاطه، أو لبسه حتى اخلولق مثلاً، أو استعمل السيارة -مثلاً- حتى تغيرت، أو هدم البيت وجدد عمارته؛ فإن صاحبه يصير كأسوة الغرماء؛ وذلك لأنه لم يجد ماله بعينه، بل وجده قد تغير.
الشرط الثالث: ألا يتعلق به حق للغير، فإذا كان قد رهن السيارة عند إنسان، أو باعه نصفها مثلاً، أو وهبها أو وهب بعضها لإنسان آخر؛ فإنها تخرج من كون صاحبها أحق بها، بل يكون كأسوة الغرماء، فيستوي مع بقية الغرماء، فتباع السيارة أو السلعة، ويقسم ثمنها على الغرماء بقدر ديونهم.
كذلك أيضاً: لابد أن يكون الدين ثابتاً في الذمة، فإذا كان الدين ليس بثابت فإنه لا يلحق بسائر الغرماء.
والدين الذي ليس بثابت مثل دين السلم، ومثل دين الكتابة بأن يشتري العبد نفسه، وما أشبه ذلك؛ فلاشك أنه والحال هذه ليس الدين ثابتاً.
فالأصل أن الإنسان لا يتجارى في كثرة الديون والاستدانة من الناس، حتى يسرف في أموالهم ويأخذها وهو لا يجد وفاء لها، وإذا قدر أنه احتاج وكثرت ديونه، فعليه أن يجتهد في الوفاء، وأن يوفيهم بقدر ما يستطيعه.