حديث أبي هريرة اشتمل على خمس جمل: الجملة الأولى: قوله: (لا يبع حاضر لبادٍ) .
والحاضر: هو القروي، والباد: هو البدوي، فالمقيم في البلد يسمى: حاضراً، والمقيم في البر المتنقل يسمى: بادياً.
والمعنى: أنه لا يبيع المقيم للمسافر، بل يترك المسافر يبيع ويشتري لنفسه.
وقد تقدم مثل هذا الحديث، وفيه قول ابن عباس: (لا يكون له سمساراً) والسمسار: هو الدلال أو ما يسمى: الواسطة، وعلل في بعض الروايات بقوله: (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) .
وبين العلماء ما يشترط لذلك: الشرط الأول: أنه يبطل إذا قدم البادي بسلعته لبيعها، أما إذا قدم بها ليخزنها فلا بأس أن يأتيه الحاضر ويشير عليه ببيعها للتوسعة على الناس.
الشرط الثاني: أن يقصده الحاضر في بيته، أو في منزله ويقول له: دعني أبيع لك سلعك، فإني أعرف بالسلع، أما إذا كان البادي هو الذي قصد الحاضر وقال: بعه لي، فإني لا أعرف، فلا مانع من ذلك، يعني: إذا قدم البادي لبيعها، وكان يريد أن يبيعها بالسعر الحاضر لا أن يتأنى بها، أما إذا كان يريد التأني بها ولا يبيعها إلا بعد أيام فلا بأس أن يتدخل الحاضر.
الشرط الثالث: أن يكون الناس محتاجين إلى تلك السلع، أما إذا كان أمثالها كثير في الأسواق، فلا بأس أن يتدخل الحاضر وأن يبيعها.
قال الفقهاء: يبطل البيع إذا قدم البادي لبيعها بسعر يومها جاهلاً بسعرها، وبالناس حاجة إليها، فلا يجوز حينئذ للحاضر أن يتلقاه.