يحرم بيع كل شيء محرم، مثل الصور التي أمرنا بإتلافها، كما في حديث: (لا تدع صورة إلا طمستها) ، فهذه الصور محرم اقتناؤها ومحرم أيضاً ثمنها، فالذي يأكل من ثمنها يعتبر قد أكل حراماً، والذي يبيعها أو يجعلها بضاعته يتعامل بحرام.
كذلك الصليب نحن مأمورون بأن نتلفه؛ لأنه معبود النصارى، فالذين يبيعون الصلبان ويستفيدون من ثمنها، فيشترونها ثم يربحون فيها أو يعملونها ثم يبيعونها، لا شك أنهم يبيعون حراماً ويأكلون حراماً، وكذلك جميع المعبودات، والنبي صلى الله عليه وسلم مثل بالأصنام التي هي عبارة عن صور منحوتة، ينحتون صورة من خشب أو من حجر على صورة شخص أو رجل صالح، ثم يبيعونها لمن يعبدها أو لمن ينصبها أو لمن يتبرك بها.
فهذه الصور -ولو كانت صور صالحين، سواء أكانت منقوشة أم منحوتة- داخلة في الأصنام التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بيعها حرام.
فهذه المحرمات سواء أكانت تباع على من يستحلهاكبيع الخمر لليهود، وبيع الصلبان للنصارى، أم تباع على مسلم يرى حرمتها، أم تباع على مسلم يرى حلَّها ولكن البائع يرى حرمتها كبيع الكلاب والخنازير وما أشبهها، أم تباع على من تباح له كالميتة يبيعها لمضطر -جائع- وهي ميتة، فحلال له أن يأكل منها، لكن ثمنها حرام، فهذا الذي يبيعها وهو يعلم أنها ميتة إن كان جائعاً فله أن يأكل منها، وأما كونه يبيعها فليس له ذلك.
وهكذا يقال في آلات اللهو والملاهي كلها، فنحن مأمورون بإتلافها، وبمحق العود والطنبور والطبول والمزامير وما أشبهها، وثمنها يكون حراماً، فمن باعها وأكل ثمنها يعتبر قد أكل حراماً، فهذا معنى قوله في بعض روايات الحديث: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) يعني: إذا حرم عينها حرم بيعها؛ وذلك لأن الأصل كون أكلها حراماً لكونه يكسب البدن داءً خبيثاً.