قال بعضهم: إن العرايا هي المنح، وذلك أن أصحاب النخل ينزل عندهم بعض المجاورين فيعرونهم نخلاً، فيقول: هذه النخلة أعريتكها، لك ثمرتها مجاناً أو يقول لأخيه الذي ليس له نخل أو لابن أخيه أو لابن عمه أو لقريبه: أعريتك هذه النخلة، يعني: أعطيتك ثمرها بدون مقابل، فيكون هذا من جملة ما يسمى: (عرية) ، ولكن الأصل في العرايا أنها ما يؤكل رطباً، وقد عرف أن أهل النخل يأكلون كثيراً من تمرهم ويعطونه بدون مقابل لأهليهم ولأقاربهم.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخراصين الذين يخرصون النخل يقول لهم: (دعوا الثلث، فإن لم تدعوه فدعوا الربع) فإن كان عند أحدهم مائة وعشرون نخلة، فالغالب أنه سوف يأكل منها قسطاً ويعريه لأقاربه، فيقول لهم: اتركوا له الثلث- نحو أربعين نخلة-، فإذا رأيتم أنه أكثر من حاجته فاتركوا له الربع- أي: ثلاثين من مائة وعشرين يأكل هذه هو وأهله رطباً، ويعري هذه، ويعطي هذه، ويمنح هذا، ونحو ذلك- واخرصوا الباقي وقدروه؛ لتؤخذ منه الزكاة.