الهدي: هو ما يهديه الإنسان من بهيمة الأنعام إلى بيت الله تعالى ليذبح هناك ويتصدق بلحمه، ويوسع به على أهل مكة وعلى الوافدين إليها.
وقد كان هذا مألوفاً قبل الإسلام، كان الرجل إذا توجه إلى مكة لحج أو لعمرة أو لزيارة عزل من إبله أو من غنمه قطعة واحدة أو جمعاً وقلدها وسار بها إلى أن يصل إلى مكة، ثم نحرها وخلى بين المساكين وبينها ليأكلوا من لحمها.
وهكذا كان في الإسلام أيضاً، كان المسلمون كلما توجهوا إلى مكة اشتروا هدياً من بهيمة الأنعام من الإبل أو من البقر أو من الغنم وساروا بها حتى يصلوا إلى مكة، ثم إذا طافوا وسعوا وتحللوا نحروها وخلوا بين المسلمين المستحقين وبينها.
ولا يتحللون إلا بعد أن نحرها، قال الله تعال: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] أي: حتى يأتي الوقت الذي يذبح فيه الهدي ويحل فيه ذبحه، ففي الحج: يوم النحر، وفي العمرة إذا لم يكن زمن حج إذا طاف وسعى للعمرة وقصر أو حلق نحر بعد ذلك هديه، وقد ذكر الله أيضاً ما تتميز به هذه الهدايا في موضعين من سورة المائدة، ففي أولها قول الله تعالى: {لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ} [المائدة:2] ، وفي أواخرها قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} [المائدة:97] ، فذكر مما جعله قياماً للناس الهدي والقلائد، ومعنى: (لا تحلوها) : لا تتعرضوا لها، فإذا رأيتم الهدي فلا تتعرضوا له بأذى حتى يصل إلى بيت الله الذي أهدي إليه، وإذا رأيتموه وفي رقابه قلائد فلا تأخذوا القلائد.