ذهب بعض من العلماء إلى أنه يستحب أن يزاد في غسل الأعضاء، فيغسل بعض العضد ويغسل بعض الساق حتى يكون البياض أكثر.
وذهب آخرون إلى أنه لا حاجة إلى الزيادة، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يذكر هذه الزيادة ولا فعلها، وإنما أخبر بعلامة أمته في الآخرة، وأن الله يكرمهم بأن يجعل لهم ميزة يتميزون بها وهي الغرة والتحجيل، ويكرمهم أيضاً إذا دخلوا الجنة بأن يحليهم بالذهب في الموضع الذي يبلغه الوضوء، فتحلى أيديهم إلى منتهى الوضوء؛ سواء إلى العضد أو إلى منتهى الذراع، فهذه ميزة وكرامة ميز الله بها هذه الأمة.
ومعنى ذلك أن من لم يكن من المحافظين على هذه الطهارة فلا حظ له في هذه العلامة، ومن لم يكن محافظاً على هذه الصلاة لم يكن من الذين يحضون بالعلامة الأخرى وهي موضع السجود، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من دخل النار من أهل الصلاة لم تأكل النار منه مواضع السجود فقال: (إن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود) ، فمن لم يكن من أهل السجود في الصلاة لم يحض بهذه العلامة، وهذا دليل على أهمية هذه الطهارة وهذه الصلاة، وأن الذين يحافظون على الطهارة يحضون بعلامة بارزة ظاهرة، وأن الذين يحافظون على الصلاة يعتق الله أعضاءهم من النار حتى ولو عذبوا، فيكونون إلى النجاة ولو دخلوا النار بسيئات وبأعمال اقترفوها.
إذاً يستحب عند بعض العلماء أن يغسل إلى نصف الساق أو ربع الساق، وأن يغسل إلى نصف العضد أو نحو ذلك، وإذا لم يفعل واقتصر على ما أمر الله به في قوله: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] ومنتهى الكعب هو مستدق الساق، وإلى المرفقين، وبمعنى: يغسل المرفقين ويدير الماء عليهما، فإذا فعل ذلك فقد كفى إن شاء الله وحصل على المطلوب، وهو رفع الحدث.
فالواجب على المسلم أن يفعل المأمور به ويحرص على المندوب، فعندنا مأمور به وهو مفروض واجب، وعندنا مسنون أي من سنن الوضوء، فالحرص عليه والعمل به يكون من تمام العبادة ومن أسباب قبولها إن شاء الله.