Q أصابني قبل ما يقارب السنة مرض الوسواس، ومن ذلك الوقت كلما أردت أن أؤدي الصلاة أو الوضوء فإنه لا أستطيع إلا بصعوبة، وأحياناً يخرج الوقت وأنا لم أصل، فما هو التوجيه في ذلك؟
صلى الله عليه وسلم هذا -للأسف! - يحدث لبعض الناس رجالاً ونساءً، فيخيل إلى أحدهم أن الماء لم يبلغ أعضاءه، سواء أكان هذا العضو وجهه أم يديه أم رجليه، فيكرر الغسل ويكرر الدلك، حتى يخرج الوقت وهو على هذا الحال من التكرار، وهو يضر بذلك نفسه ويفوته الوقت، وأحياناً يوسوس له الشيطان أنه ما نوى مع أنه قد نوى، فنحن نقول له: عليك أولاً أن تعتقد أنك ما حملك على غسل هذه الأعضاء إلا النية، فإن النية هي التي دفعتك، ولم يدفعك أمر آخر، وأن تعتقد أنك لم تكن تنوي نظافة، ولم تكن تنوي بهذا الغسل -مثلاً- إزالة وسخ، ولم تكن تنوي تبرداً، ولكن ما دفعك إلى هذا إلا رفع الحدث والطهارة للصلاة، وعلامة ذلك أنه لو أوقفك أحد في الطريق وسألك وقال: إلى أين تذهب لقلت له: أذهب لأتوضأ.
فأنت نطقت بما في قلبك، فإذاً لا حاجة إلى أن تعيد لأجل النية، فكثيرون يعيدون لأجل النية، يقولون: ما نوينا، نجدد النية، وننوي فيما بعد.
وما أشبه ذلك، وهذا إذا كان الأمر لأجل النية.
أما إذا كان الأمر تكراره لأجل الشك في بلوغ الماء إلى الأعضاء فنقول: إن هذا من الشيطان، كثير منهم يصب الماء على قدمه، ويخيل إليه أن الماء يزل من القدم وهي لم تبتل، فلا يزال يكدها ولا يزال يفركها، حتى ربما خرج الدم من شدة فركه لها بأظافره، فيكون ذلك ضرراً عليه، نقول له: الماء له قوة في الاتصال بالبشرة، فمرة واحدة أو مرتان وأكثر شيء ثلاث مرات تكفي لأن يبلغ الماء إلى العضو ويطهره وينظفه، فلا حاجة إلى الزيادة على ثلاث غسلات، بل في ذلك شيء من الوسوسة، فأنت لا تطع الشيطان إذا جاءك ووسوس إليك بأنك ما غسلت هذا العضو، أو أنك لم تتطهر الطهارة الكاملة أو ما أشبه ذلك، فهذا بالنسبة إلى التكرار.
لكن بعض الناس قد يأتيه الشيطان من جهة الحدث، فيوسوس إليه أنه انتقض وضوؤه، ويقول: كلما غسل أعضاءه خيل إليه أنه خرج منه ريح، أو انتقض وضوؤه بفعله أو ما أشبه ذلك.
فيعيد الوضوء لأجل ذلك، وهذا من الشيطان؛ وذلك لأن هذه القرقرة والأصوات التي تحصل في بطن الإنسان ليست حدثاً، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالبقاء على اليقين في قوله: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) .
فإذا كان تكرارك لما يوحي إليك الشيطان وينفخ في مقعدتك بأنك قد انتقض وضوؤك فعليك أن لا تطيع الشيطان في ذلك، وقد ورد في الحديث: (يأتي الشيطان أحدكم فينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحدث، فإذا وجد ذلك فليقل: كذبت) ، فليقل ذلك في نفسه كما في بعض الروايات، فيستمر على طهارته إن شاء الله، ولا يتمادى مع هذه الوسوسة.