نهي عن الألبسة المعتادة، وفي هذا الحديث أنه نهى عن لباس القمص، ةالقمص: جمع قميص.
والقميص: هو كل ثوب له جيب وأكمام.
والجيب: هو الفتحة التي هي مدخل الرأس.
والأكمام: هي التي تدخل منها اليدان.
فكل ثوب له جيب وله أكمام يسمى قميصاً، فيدخل في ذلك الدراعة المعروفة، ويدخل في ذلك الجبة وما أشبهها، ويدخل في ذلك الفروة وإن كانت مشقوقة المقدم، ويدخل في ذلك الحلة التي تلبس -أيضاً- ولها جيب وأكمام، وما أشبه ذلك، وتدخل في ذلك -أيضاً- الأكسية الموجودة الآن، كالفانيلة المعروفة، أو الأكوات المسماة بهذا، أو البالطو أو ما أشبه ذلك، فهذه الأكسية كلها داخلة في القمص، فلا يلبسها المحرم.
وكذلك -أيضاً- لا يلبس البرانس، والبرانس: جمع برنس، وهي شبيهة بالقمص، ولكن تزيد عليها أن لها رءوساً تستر الرأس، فكل ثوب رأسه منه فإنه يسمى برنساً، فيجعل في مؤخر فتحة الرأس مثل المظلة يستر بها رأسه، فهذا يسمى البرنس، فلا يلبسه، وخصه لأن له اسماً خاصاً.
ونهى المحرم أن يلبس العمائم، واحدها عمامة، وهي ما يستر به الرأس، فكل شيء يستر الرأس فإنه يسمى عمامة، سمي بذلك لأنه يعم الرأس، فيدخل في ذلك القلنسوة -وتعرف بالطاقية-، ويدخل في ذلك الغترة المعروفة الآن، ويدخل في ذلك العصابة التي تلف على الرأس ويجعل طرفها تحت الحنك، فكل شيء يغطي الرأس يسمى عمامة، فلا يلبسه المحرم، بل يكشف رأسه، فيترك المحرم رأسه مكشوفاً، حتى لو مات وهو محرم لا يجوز تغطية رأسه، وسيأتينا في الرجل الذي مات محرماً قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تحنطوه ولا تغطوا رأسه، ولا تمسوه طيباً؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) ، ولما أمرهم بأن يغسلوه بماء وسدر قال: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه) ، فدل على أن المحرم الرجل لا يغطي رأسه بأي غطاء.
واستثنوا من ذلك إذا حمل متاعه على رأسه فلا بأس، فلو كان معه فراش وعجز عن حمله بيديه ووضعه على رأسه فإنه لا يسمى ساتراً، ولا يسمى غطاءً، وإنما يسمى شيئاً حمله على رأسه، واستثنوا استظلاله، فقالوا: يجوز أن يستظل، وإن كان الأفضل له أن يبرز في الضحى -أي: في الشمس والهواء-، ولكن قد يحتاج إلى أن يستظل بمظلة أو بخيمة أو بسقف سيارة أو بظل شجرة أو نحو ذلك، ولا ينافي ذلك الإحرام، ولا يلصق رأسه بذلك الشيء الذي استظل به، فلو كان معه مظلة فلا يلصقها على رأسه بل يرفعها، وهكذا.