وفي هذا إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في الأمور الفاضلة، ففي الوضوء يغسل اليمنى قبل اليسرى من اليدين والرجلين، وفي الاغتسال يبدأ بغسل شقه الأيمن قبل الأيسر، وكذلك في تنعله، أي: في لبس النعل أو الخف كان يلبس اليمنى قبل اليسرى، وقد ثبت عنه أنه قال: (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين -يعني: إذا لبس- وإذا خلع فليبدأ بالشمال، ولتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تخلع) ، وإذا دخل المسجد قدم رجله اليمنى، وإذا خرج أخّر رجله اليمنى، لتكون اليمنى أول ما يدخل وآخر ما يخرج، وإذا دخل بيته قدم اليمنى وإذا خرج أخّر اليمنى، لتكون اليمنى أول ما يدخل في البيت فهو أشرف من السوق ونحوه، وإذا دخل بيت الخلاء ونحوه قدم اليسرى، وإذا خرج أخّر اليسرى لتكون اليمنى آخر ما يدخل وأول ما يخرج؛ وذلك لأنه مكان مستقذر فتكرم فيه اليمنى.
كذلك أيضاً في ترجله -أي تسريح شعره- إذ كان له صلى الله عليه وسلم شعر يبلغ إلى شحمة الأذن أو إلى العاتق، كان إذا غسله بدأ بغسل شقه الأيمن قبل الأيسر، وإذا رجله بدأ بالأيمن قبل الأيسر.
وهكذا أيضاً في لبس الثوب يدخل كم اليد اليمنى قبل اليسرى، وكذا في السراويل وأشباه ذلك، ولا شك أن القصد من ذلك كله تكريم اليد اليمنى، وهكذا أيضاً في الأكل، فقد شرع الأكل باليمنى؛ وذلك لأنها محل اليُمن والبركة والخير، وأمر بالمصافحة باليد اليمنى، وكذلك الأخذ والإعطاء فقال عليه السلام: (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) .
وكان يأخذ بيمينه ويعطي بيمينه، ويصافح بيمينه، كل ذلك لأجل تفضيل اليمين.