قال المؤلف رحمنا الله تعالى وإياه: [باب الاعتكاف.
عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده) ، وفي لفظ: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان، فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه) .
وعن عائشة رضي الله عنها: (أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه) ، وفي رواية: (وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) ، وفي رواية أن عائشة قالت: (إني كنت لا أدخل البيت إلا لحاجة، والمريض فيه، فما أسأل عنه إلا وأنا مارة) .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة -وفي رواية: يوماً- في المسجد الحرام.
قال: أوف بنذرك) ، ولم يذكر بعض الرواة يوماً ولا ليلة.
وعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً في المسجد، فأتيته أزوره ليلاً فحدثته، ثم قمت لأنصرف فقام معي ليقلبني -وكان مسكنها في بيت أسامة بن زيد - فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعا في المشي، فقال صلى الله عليه وسلم: على رسلكما؛ إنها صفية بنت حيي.
فقالا: سبحان الله يا رسول الله! فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خفت أن يقذف في قلوبكما شراً -أو قال: شيئاً-) ، وفي رواية: (أنها جاءت تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنصرف فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة) ثم ذكره بمعناه] .
قد ذكر الله الاعتكاف في قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:187] ، فأخذوا من الآية أن الاعتكاف يختص بالمساجد، وذكره في قوله تعالى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة:125] ، فجعل العاكفين بعد أهل الطواف، فدل على أن الاعتكاف من أفضل القربات، حيث ذكر بين الطائفين والمصلين.