أما قوله: (وإنما لكل امرئ ما نوى) ، فمعناه: أن الثواب يترتب على النية، فإن كان العمل صالحاً ترتب عليه الثواب، وإلا ترتب عليه العقاب، وضرب لهم مثلاً بالهجرة، والهجرة من الأعمال الشريفة، كان أحدهم ينتقل من بلاده التي هي مسقط رأسه وفيها عشيرته وأهله وأمواله ومساكنه، ينتقل منها لأجل أن يتمكن من عبادة الله؛ لأنه في بلاده يلاقي الأذى.
وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن هناك من يهاجر لأجل الله ورسوله، وهناك من يهاجر لمصالح دنيوية، فالذي تكون هجرته إلى الله ورسوله ابتغاء مرضاة الله، ولاتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، والأخذ عنه، فهذا أجره على الله.
(فهجرته إلى الله ورسوله) .
والذي تكون هجرته لأجل مصالح دنيوية: تجارة، أو وظيفة، أو رئاسة، أو منصب، أو نحو ذلك، أو امرأة يتزوجها، ليس له قصد إلا هذا (فهجرته إلى ما هاجر إليه) يعني: ليس له أجر الهجرة وليس له ثوابها؛ وذلك لأن الله إنما يثيب من الأعمال ما أريد به وجه الله، فهذا مثل ضربه الرسول عليه الصلاة والسلام لصلاح النية ولعدم صلاحها، وكذلك بقية الأعمال.