ثم هل يجوز نقلها إلى بلاد بعيدة؟ ذهب الأكثرون إلى أنها لا تخرج من البلاد إذا كان فيها فقراء، وهذا هو القول الصحيح، فإذا كان في البلد فقراء واستعطت أن توصلها إليهم، وأنت تعرفهم وتتحقق بأنهم محتاجون وذوو فاقة، فأعطهم صدقتك، أما إذا كنت لا تعرف فقراء، أو ليس في البلد فقراء فإنه يجوز نقلها ولو إلى بلاد بعيدة، فيجوز نقلها -مثلاً- إلى مجاهدي الأفغان أو غيرهم من الذين يأكلونها وينتفعون بها وتقع عندهم موقعاً، ولكن لابد أن يذكر أنها زكاة فطر، ولابد أن يقدم إرسالها حتى تصل إليهم قبل خروج وقتها، فترسل قبل خروج الشهر في آخر الشهر ونحو ذلك، وأن يتحقق من الذي قبضها أنه سوف يشتري بها من الأطعمة المعتادة عندهم التي يأكلونها ويأكلون أمثالها، فإذا كان كذلك جاز إرسالها، وإلا فلا.
وعلى كل حال: فصدقة الفطر هي صدقة من الصدقات، يجب أن يخرجها الإنسان في هذا الزمان، فلو قدر أنه لم يتمكن جاز إخراجها في يوم العيد، وإذا فاتته ليلة العيد ولم يتمكن إلا بعدما صلى العيد أجزأت في ذلك اليوم، وأما إذا فات ولم يتمكن من إخراجها إلا بعد يوم العيد، فهل تسقط؟
صلى الله عليه وسلم لا تسقط.
ولكن مع ذلك يخرجها ولو بعد يوم أو بعد أيام، ويعتبرها ديناً، فيعتبرها شيئاً وجب عليه فيخرجها، ولكنه مع ذلك آثم في تأخيره لها.
فهذه من الصدقات التي شرعها النبي صلى الله عليه وسلم وحث أمته عليها ورغبهم فيها وأمر بأن تخرج.