وقد اتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتال من منع الزكاة، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم منع قوم الزكاة، فعند ذلك اجتمع الصحابة مع أبي بكر على قتالهم، وقال أبو بكر: إن الزكاة حق المال.
وقال: (لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه) .
قال عمر: (فما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعلمت أنه الحق) .
واستدلوا على ذلك بآيات وبأحاديث، فمن الآيات قول الله تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:5] ، فما أمر بتخلية سبيلهم إلا بالتوبة من الشرك، وبالصلاة، وبالزكاة.
وثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها) ، فهذا دليل من السنة، وقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم ركناً من أركان الإسلام في قوله: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت) ، جعل هذه أركاناً، وجعل الصلاة والزكاة ركنين مجتمعين لا متفرقين، لا يجوز أن يؤتى بواحد دون الآخر، فمن صلى ولم يزك لم تقبل صلاته، كما أن من لم يصل وزكى لم تقبل زكاته، فعرف بذلك أهمية هذا الحق.