هذه الأحاديث تتعلق بالمرور بين يدي المصلي، وفيها ما يدل على أنه ذنب وأنه كبيرة من الكبائر؛ وذلك لأن المصلي عندما يكبر فإنه يشتغل بمناجاة ربه، ويقبل على صلاته بقلبه، وينظر إلى موضع سجوده، ويفرغ لذلك باله، ويتأمل فيما يقوله وفيما يفعله؛ فلأجل ذلك يندب أن يكون حاضر القلب خاشعاً ذليلاً مقبلاً على عبادته، مبتعداً عن كل شيء يشغله عن العبادة.
ولأجل هذا نهي أن يستقبل أشياء تصرف قلبه عن العبادة، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه كان يصلي مرة وأمامه ستر -يعني: كساء- فيه شيء من النقوش فقال لـ عائشة: أنيطي عني قرامك، فإني إذا نظرته ذكرت الدنيا) يعني: إذا نظرت ذلك القرام وما فيه من تلك النقوش ونحوها تذكرت الدنيا.
ومرة صلى وعليه حلة أو كساء، فلما صلى وانصرف قال لبعض أصحابه: (اذهبوا بسترتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم؛ فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي) فجعل العلة أنها ألهته عن صلاته، يعني: كأنه نظر إليها فاشتغل قلبه بها، ومطلوب من المصلي أن لا يشغل قلبه بغير ما هو فيه، حتى يكتب له أجر صلاته كاملة.