ذهب كثير من العلماء إلى أنه يستحب للإمام أن يسكت بعد الفاتحة سكتة خفيفة يقرأ المأموم فيها الفاتحة، ورويت هذه السكتة في حديث سمرة وغيره أنه قال: (حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم سكتتين: إذا استفتح الصلاة، وإذا فرغ من القراءة، ثم قال: (وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:7] سكت هنيهة) أو كما قال.
وبعض العلماء لم يستحب هذه السكتة، ويواصل قراءة السورة بقراءة الفاتحة، وحجتهم أنهم قد اختلفوا فيها فلم يثبتها إلا بعضهم، ولو كانت ثابتة لما اختلفوا فيها، وحيث ورد إثباتها فقد استحبوا أن يسكت ولكن لا يطيلها، وإذا سكت الإمام ابتدر المأموم وقرأ ما قدر عليه من الفاتحة، فإذا ابتدأ الإمام في قراءة السورة بعدها فإن كان قد بقي عليه آية أو آيتان كملهما ولو مع قراءة الإمام، وإلا اكتفى بقراءة الإمام ولم يكمل، وقطع القراءة، هذا هو الأقرب.
وعلى كل حال، فقراءة الفاتحة في حق المأموم فيها هذا الخلاف، فنقول: الأولى إذا كنت في سرية كالظهر والعصر والأخيرة من المغرب والأخيرتين من العشاء فإنك تقرأ، ولا تسقط عنك القراءة؛ لأن الإمام لا يسمعك قراءته، وإذا كنت في الجهرية كالأولتين من المغرب، والأولتين من العشاء، وصلاة الصبح، فإن سكت الإمام فاقرأ الفاتحة، وإن لم يسكت فإنها تسقط عنك، وإن قرأتها سراً -كما قال أبو هريرة - جاز ذلك إن شاء الله.