وقد ورد في حديث أيضاً: (أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن ينتعل الرجل وهو قائم) أي: أن يلبس نعليه وهو قائم؛ ولعل السبب في ذلك صعوبة اللبس؛ لأنها تحتاج إلى أن يشدها فوق الأخمص وفوق العقب، ويربط تلك السيور وتلك الخيوط فيتكلف إذا لبسها وهو قائم، فلذلك أمر بأن يلبسها وهو جالس حتى لا يتكلف ولا يشق عليه، هذه هي الحكمة في ذلك.
ذكرنا أن هذا خاص بأحذيتهم الموجودة عندهم، أما أحذيتنا هذه الموجودة فإن خلعها وكذلك لبسها ليس فيه شيء من الصعوبة، بحيث يمكن أن يخلعها وهو قائم ويلبسها وهو قائم، ويمسك شراكها المقدم بأصابعه ولا تسقط منه، فلأجل ذلك قالوا: لو خلعها وهو في هذه الحال فلا إثم.
ولو صلى بغيرها فلا إثم، ورأوا أيضاً أن كثيراً من الناس يتساهلون في تفقد الأحذية عند دخولهم المساجد، ورأوا أيضاً أن المساجد فرشت بهذه الفرش، وأنها تتلوث بذلك الغبار الذي تحمله الأحذية، وكذلك ما تحمله من الرطوبة ونحوها فقالوا: لا بأس والحال هذه أن يخلعها عند الأبواب وأن لا يصلي فيها.
وبكل حال فلا ينكر على من صلى في نعليه، بل إن ذلك من السنة، بشرط أن يتفقد نعليه، وأن يتأكد من نظافتهما، ولا يشدد في طلب الخلع، ولا يقال: إن من دخل المسجد بنعليه مع نظافتهما إنه فاجر وإنه عاص وإنه وإنه، ما دام لم يفصل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل: لا تلبسوها في البيوت المفروشة أو نحوها.
فبكل حال لا ينكر على من خلعها؛ لأنا رأينا أن الناس يتساهلون في تفقدها، وكذلك لا ينكر على من لبسها وصلى بها لما ورد من الأحاديث، وذلك بعد أن يتأكد من صحتها ونظافتها.