الجملة الثالثة: غسل اليدين إذا استيقظ من نوم الليل: (وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) ، وهذا النوم مختص بنوم الليل؛ لأنه قال: (أين باتت) ، والبيتوتة هي نوم الليل، ولكن يستحب لمن نام في أول النهار أو في وسطه أن يغسلهما بعد الاستيقاظ أيضاً؛ لأن العلة موجودة، وبلا شك أن علينا أن نتبع النص وإن لم نعرف السبب، فعلى المسلم إذا استيقظ من نومه أن يغسل يديه، والمراد باليدين هنا: الكفان، يعني: إلى المفصل، ومفصل الكف من الذراع يسمى كوعاً، فتغسلهما إلى الكوع، والكوع: هو المفصل بين الكف والذراع، هكذا ورد غسلهما إلى الكوعين (ثلاثاً) حتى تنظف اليد، ويلزم ذلك بكل حال، حتى لو لبست قفازين، فبعد أن تستيقظ تغسلهما ولو أمنت عليهما؛ وذلك لأن نوم الليل يعتبر بنفسه حدثاً موجباً لغسل اليدين، فيغسل يديه أولاً قبل أن يغسل بهما بقية جسده.
وذكر كثير من العلماء أنه إذا غمس يديه في ماء قبل غسلهما فإن ذلك الماء لا يكون طهوراً، ولكن الصحيح إن شاء الله أنه إذا بقي على طبيعته ولم يتغير طعماً ولا ريحاً ولا لوناً، فإنه يرفع الحدث، ولكن مع ذلك نتبع النص: (لا يغمس يده حتى يغسلها) ، وليس هذا خاصاً بالغمس بل حتى الاغتراف، فلو صب عليهما ماءً من الصنبور أو نحوه، فإن الماء الذي يقع عليهما قبل الغسل يعتبر غير طهور، فلا بد أن يصب الماء عليهما ويغسلهما، حتى إذا اغترف بهما أو صب فيهما ماءً للمضمضة كان ذلك الماء الذي وقع فيهما طهوراً يرفع الحدث.
هذا حكم غسلهما.